الحال الثالثة: أن يريد بها الظهار، ويش معنى الظهار؟ أن يريد أنها محرمة عليه، فهذا قال بعض أهل العلم: إنه لا يكون ظهارًا؛ لأنه لم يوجد فيه لفظ الظهار.
وقال بعض العلماء: إنه يكون ظهارًا؛ لأن معنى قول المظاهر لزوجته: أنت عليَّ كظهر أمي، ويش معناه؟ أنت حرام، لكنه شبَّهه بأعلى درجات التحريم؛ وهو ظهر أمه؛ يعني أشد من يكون حرامًا عليك أمك، فهذا يكون ظهارًا.
وقال بعض العلماء: لا يكون ظهارًا؛ لأن قولك: أنت عليَّ كظهر أمي، ما هو مثل قولك: أنت عليَّ حرام، أيهما أبشع؟
طالب: أنت عليَّ كظهر أمي.
الشيخ: الأول أبشع وأقبح، فيختص الحكم به ولا يُقاس عليه ما دونه.
لكن الذي يظهر -والله أعلم- أنهما سواء، ما دام (أنت عليَّ حرام) يعني: وطؤك علي حرام كما تحرم عليَّ أمي، بنيته يعني، فيكون ظهارًا.
هذا هو الصحيح في هذه المسألة، وهي كثيرًا ما تقع من الناس الآن، يقول: زوجتي عليَّ حرام أني ما أفعل كذا، إذا قال: زوجتي عليَّ حرام ألَّا أفعل كذا، ويش يكون؟ هذا يمين على القول الراجح؛ لأن قصده من ذلك أن يمتنع من هذا الشيء الذي علق تحريم زوجته به، وليس غرضه أنه يحرم زوجته معلقًا على هذا.
نمشي على كلام المؤلف الآن:(إن قال: أنتِ عليَّ حرامٌ أو كظهرِ أمِّي فهو ظِهارٌ ولو نوى به الطلاق).
أما قوله:(وأنت علي كظهر أمي) فما قاله المؤلف حق؛ أنه ظهار ولو نوى الطلاق؛ لأن هذا هو ما جاء به القرآن.
ولو قلنا: إن الرجل إذا قال لزوجته: أنت عليَّ كظهر أمي ونوى به الطلاق ولو قلنا: إننا نجعله طلاقًا لَكُنَّا حكمنا بالظهار بحكم من؟ بحكم الجاهلية؛ لأنهم الجاهلية يرون أن قول الإنسان لزوجته: أنت عليَّ كظهر أمي طلاق، ولكن الشرع خالفهم في هذا وجعله ظهارًا، فالإنسان إذا أتى بصريح الظهار فهو ظهار، لو نوى به الطلاق ما نجعله بطلاق، نقول: الزوجة باقية في ذمتك ولو نويت الطلاق، ولا تقربها حتى تفعل ما أمرك الله به من الكفارة.