ولو قال: أنتِ طالق ثلاثًا، ثم سكت سكوتًا يمكنه الكلام فيه، ثم قال: إلا واحدة فلا يصح؛ لأنه لا بد من الاتصال.
وهذه المسألة فيها خلاف بين أهل العلم، فمنهم من قال باشتراطه، ومنهم من لم يقل باشتراطه، والصحيح أنه لا يُشترط، ما دام الكلام واحدًا فإنه لا يُشترط، والدليل على ذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم لما فتح مكة قام في ذلك اليوم، وخطب الناس، وبيَّن حُرمة مكة، وقال:«إِنَّهُ لَا يُخْتَلَى خَلَاهَا، وَلَا يُعْضَدُ شَوْكُهَا، وَلَا تَحِلُّ سَاقِطَتُهَا إِلَّا لِمُنْشِدٍ»، ثم ذكر كلامًا، فقال العباس: إلا الإذخر يا رسول الله؟ فقال:«إِلَّا الْإِذْخِرَ»(٢). مع أن الكلام متصل ولَّا لا؟ غير متصل، وكذلك سليمان عليه الصلاة والسلام ابن داود، قال: والله لأطوفن الليلة على تسعين امرأةً تلد كل واحدة منهن غلامًا يقاتل في سبيل الله، فقال له الملَك: قل: إن شاء الله، فلم يقُل، قال النبي صلى الله عليه وسلم:«لَوْ قَالَ: إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَكَانَ دَرَكًا لِحَاجَتِهِ»(٣)، وفي لفظ:«لَمْ يَحْنَثْ، وَلَقَاتَلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فُرْسَانًا أَجْمَعِينَ»(٤) مع أنه متصل ولَّا منفصل؟ منفصل.
والصواب أنه ما دام الكلام واحدًا فإنه يصح الاستثناء، وهذا دائمًا يحدث، يقول الإنسان مثلًا: كلكن طوالق، ثم ( ... )، ويقول: إلا فلانة، بعد أن سكت، فالصواب أن الاستثناء يصح.
وكذلك لو قال: أنتِ طالق ثلاثًا، ثم سكت، ثم ( ... ) وقال: إلا واحدة، فالصواب: أنه يصح؛ لأن الأدلة -كما عرفتم- واضحة.
طالب: الشاهد من قصة سليمان؟
طالب آخر: مقدار الفصل، ما هو؟
الشيخ: مقدار الفصْل؟
الطالب: إي نعم.
الشيخ: يعني ما دام الكلام متصلًا بعضه ببعض فهو لم ينفصل، وأما مقدار الفصل بالسكوت فهو ما جرى به العُرف، ما حدَّده، ما جرى به العرف.