واعلم أنه لم يَرد عن الصحابة رضي الله عنهم شيء في حكم الحَلِف بالطلاق؛ لأنه غير موجود في عصرهم، لكن ورد عنهم الحلف بالنذر، بأن يقول الإنسان: لله علي نذر أن لا ألبس هذا الثوب، أو يقول: إن لبست هذا الثوب فلله عليَّ نذر أن أصوم سنة، وهذا النذر عند الصحابة جعلوا حكمه حكم اليمين، فإذا كانوا جعلوا النذر الذي يقصد به المنع جعلوا حكمه حكم اليمين، مع أن الوفاء بالنذر واجب كما تعلمون، فلأن يجعلوا الطلاق -الذي هو مكروه- حكمه حكم اليمين إذا قُصد به المنع من باب أولى، وهذا قياس بعدم الفارق فهو من القياس الجلي؛ لأنه سبق لنا أن القياس الجلي هو الذي نُصَّ على علته، أو ثبتت علته بإجماع أو قُطِعَ فيه بنفي الفارق.