للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واعلم أنه لم يَرد عن الصحابة رضي الله عنهم شيء في حكم الحَلِف بالطلاق؛ لأنه غير موجود في عصرهم، لكن ورد عنهم الحلف بالنذر، بأن يقول الإنسان: لله علي نذر أن لا ألبس هذا الثوب، أو يقول: إن لبست هذا الثوب فلله عليَّ نذر أن أصوم سنة، وهذا النذر عند الصحابة جعلوا حكمه حكم اليمين، فإذا كانوا جعلوا النذر الذي يقصد به المنع جعلوا حكمه حكم اليمين، مع أن الوفاء بالنذر واجب كما تعلمون، فلأن يجعلوا الطلاق -الذي هو مكروه- حكمه حكم اليمين إذا قُصد به المنع من باب أولى، وهذا قياس بعدم الفارق فهو من القياس الجلي؛ لأنه سبق لنا أن القياس الجلي هو الذي نُصَّ على علته، أو ثبتت علته بإجماع أو قُطِعَ فيه بنفي الفارق.

وَلَيْتَ لِي بِكُمُ قَوْمًا إِذَا حَفِظُوا

لَمْ يَنْسَوُا الْعِلْمَ مِنْ بَعْدِ أَنْ يَحْفَظُوا

هذه مرت علينا الأسبوع الماضي في باب أصول الفقه أو الأسبوع الذي قبله أن القياس الجلي ما كانت علته منصوصة أو مجمعًا عليها أو قُطِع فيه بنفي الفارق.

فالحاصل أن الصحابة ما ورد عنهم تعليق الطلاق بالشروط أنه في حكم اليمين؛ لأنه لم يكن معروفًا في عهدهم.

أعود مرة ثانية: تعليق الطلاق بالشروط ينقسم إلى ثلاثة أقسام:

الأول: أن يكون شرطًا محضًا.

والثاني: أن يكون يمينًا محضًا.

والثالث: أن يكون محتملًا للأمرين.

فإن كان شرطًا محضًا وقع الطلاق بوجوده، أي بوجود الشرط، مثاله: إذا غربت الشمس فأنت طالق، هذا واضح أن التعليق بشرط محض، فإذا غربت الشمس طلقت.

الثاني: أن يكون يمينًا محضًا، بأن يقول: إن فعلت كذا أنا فزوجتي طالق، هذا لا علاقة لفعله بطلاق زوجته، فيكون المراد بذلك اليمين.

<<  <  ج: ص:  >  >>