أما المذهب فإنهم لا يرون تعليق الطلاق بالشروط إلا قسمًا واحدًا فقط، وهو أنه شرط محض، فإذا قال: إن فعلتُ كذا فزوجتي طالق. ففعل؛ طلقت الزوجة، ولو قال: إن فعلتِ كذا فأنت طالق. ففعلتْ؛ طلقت الزوجة.
***
يقول المؤلف:(لَا يَصِحُّ إِلَّا مِنْ زَوْجٍ).
(لا يصح) تعليق الطلاق (إلا من زوج)؛ لأن غير الزوج لا يملك ابتداء الطلاق، فلا يملك تعليقه، فغير الزوج ما يمكن أن يعلق الطلاق، وكيف يعلق طلاق امرأة لم يتزوجها؟ ! والله عزّ وجل يقول:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ}[الأحزاب: ٤٩]، فجعل الطلاق بعد النكاح، وقال النبي عليه الصلاة والسلام:«لَا طَلَاقَ لِابْنِ آدَمَ فِيمَا لَا يَمْلِكُ»(٣)، وعلى هذا فإذا قال شخص: أيما امرأة أتزوجها فهي طالق، فتزوج؛ لم تطلق؛ لأنه علقها قبل أن يتزوج.
ولو قال: إن تزوجت فلانة فهي طالق. فتزوجها؛ لم تطلق.
ولو قال: إن تزوجتكِ -يخاطب امرأة- فأنت طالق. فتزوجها؛ لم تطلق.
وهذا ظاهر فيما إذا لم يتعلق به حق الغير، فأما إن تعلق به حق الغير، مثل أن يتزوج امرأة بشرط أنه إن تزوج عليها فهي طالق؛ يعني هي خافت أنه يتزوج عليها، فقالت: أشترط عليك، على أنك لا تتزوج عليَّ، وإن تزوجتَ علي امرأة فهي طالق، فظاهر كلام الأصحاب: أنه لا يقع الطلاق أيضًا؛ لأنه ( ... ) شرط الزوجة الأولى، فهذا هو الصحيح، وقد اختاره ابن القيم رحمه الله في إعلام الموقعي ن.