ما الفرق بين هذا وما سبق في قوله: أريد أن أعجِّله؟ لو قال: عجلته وألغيت الشرط ما يلغو، وهنا نقول: تطلق في الحال؟ الفرق بينهما ظاهر: أنه هناك قصد الشرط، وهنا لم يقصده، فهو هنا يقول: أنا ما قصدت الشرط، وإنما سبق لساني به، فنقول: إذن تطلق في الحال، التعليل: لأنه أقر على نفسه بما هو أغلظ، فأُخِذَ به.
(وإن قال: أنت طالق، وقال: أردتُ إن قمتِ، لم يُقبل حكمًا) وهذه مسألة مهمة وبيجينا مسألة ثانية قريبة منها.
قال: أنت طالق، ثم قال: أنا أردت: إن قُمتِ، أو: إن كلمتِ زيدًا، فادعى أنه نوى الشرط بقلبه، يقول المؤلف:(لم يُقبل حُكمًا)، وعُلم من قوله:(لم يُقبل حُكمًا) أنه يُدَيَّن فيما بينه وبين الله، فإذا صدقته المرأة فلا طلاق، إلا إن قال؛ لأنه قال:(لم يُقبل حكمًا)، إن حاكمته عند المحكمة وراحت وياه المحكمة، وقال الشيخ: أنتَ ما قلتَ: إن قُمتِ، وأنا بحكم عليك بالظاهر، فتطلق زوجتك الآن. تطلق ولّا لا؟ تطلق، أما إذا صدقته المرأة، وقالت: نعم، الرجل أراد: إن قمتِ، ولكن لم يتكلم به، فإن قوله يكون مقبولًا.
وكذلك لو دخل على زوجته وقال: أنت طالق، ثم بعدئذ قال: أنا قلت: أنت طالق؛ لأن فلانًا حدثني أنك تكلمين فلانًا في التليفون، ولما تبين لي أنك ما تكلمينه فأنا ما طلقتك، نقول: يُقبل حكمًا ولّا لا؟ لا يُقبل حكمًا، لكن فيما بينه وبين الله يُدَيَّن.
أما لو قيل له: إنَّ زوجتك تعاكس فلانًا، فقال: هي طالق، ثم تبيَّن أنها لم تعاكسه، فيُقبل قوله إنه أراد ذلك ولّا ما يُقبل؟ يُقبل؛ لوجود قرينة تدل على ذلك.
وكذلك أيضًا لو سأل سائل، وقال: طلقت زوجتي بلفظ كذا وكذا، فقال له المفتي: زوجتك بانت منك. فأقر بأنه أبان زوجته بناء على الفتوى، تبين منه ولّا لا؟ ما تَبِين؛ لأنه إنما أقر بناءً على فتوى لا على ما في نفسه وقلبه.