للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الشيخ: يونس، {فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ} [الصافات: ١٤١].

والموضع الثاني: {وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ} [آل عمران: ٤٤].

أما في السُّنَّة فإن الرسول عليه الصلاة والسلام أقرع، ذكروا في ستة وقائع وحوادث، منها: أن رجلًا أعتق ستة أعبُد، فجزأهم النبي عليه الصلاة والسلام ثلاثة أجزاء، وأقرع بينهم ليُخرج الثلث فقط (٥).

ومنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد سفرًا أقرع بين نسائه، فأيتهن خرج سهمها خرج بها (٦).

أما دلالة النظر على أن القرعة حكم شرعي؛ فلأنه لا طريق لنا إلى التمييز بين متساويين إلا بهذا، وأنكر بعض من أهل العلم القرعة، وقال: إن القرعة من الميسر، وأنها مثل الاستقسام بالأزلام، ولكن هذا القول مردود لمخالفته النص، ولبطلانه بذاته؛ أما مخالفته للنص فقد عرفتم ما جاء في الكتاب والسنة من إثبات القُرعة، وأما بطلانه بذاته فإن هذا ليس من الميسر؛ لأننا لا نُقرع إلا بين شيئين متساويين، والميسر ليسا متساويين.

نعم، لو قلنا: أنتما رجلان بينكما هذا الحق مشتركًا ومناصفة، ولكن نبغي نجعل ثلثين وثلثًا ونُقرع بينكما، يجوز ولَّا ما يجوز؟ هذا ما يجوز؛ لأنه ميسر، إن وقعت على صاحب الثلث غُلِب، وإن وقعت على صاحب الثلثين غَلَب. أما شيئان متساويان فأين الميسر فيهما؟ ! وأما الاستقسام بالأزلام فليس كذلك، ما هناك حقان متساويان يُراد التمييز بينهما، بل هما إرادتان من هذا المستقسم، ويعمل بهذه الأقداح لينظر ماذا يُقسم له من هذه الإرادة، فبينهما فرق.

وعلى هذا فالصواب أن القرعة ثابتة في كل حقين متساويين لا يمكن التمييز بينهما إلا بهذا.

(وإلا من قرعت). (كمن طلق إحداهما بائنًا ونسيها) يعني وكذلك من (طلق إحداهما بائنًا)، أي: طلاقًا بائنًا، (ونسيها)، فإنه يُقرع بينهما، فمن قُرِعت وقع عليها الطلاق.

<<  <  ج: ص:  >  >>