المثال مرة ثانية: فاطمة وزينب طلَّق إحداهما ونسيها، وأقرعنا بينهما، فوقعت القُرعة على زينب وقلنا: امشي، أنتِ مُطَّلقة، فاطمة عند الزوج، ثم إن زينب تزوجت رجلًا آخر بعد انقضاء عدتها، وبعد ذلك تذكَّر زوجها أن المطلقة هي التي عنده، وهي فاطمة، وأن هذه لم تُطلق، وإن كانت القرعة وقعت عليها، فنقول له: كلامك مقبول ولَّا لا؟ كلامك غير مقبول الآن؛ لأن كلامك يستلزم بطلان حق الزوج الثاني، وأنت غير مقبول على غيرك.
أقول: عُلِم من هذا التعليل أن الزوج الثاني لو صدَّقه وقال: نعم، أنا أثق من هذا الرجل وأن المطلقة هي فاطمة لا زينب، فمقتضى هذا التعليل أن النكاح يبطل. لماذا؟ لأن إقراره بصدق الزوج يستلزم إبطال نكاحه. هذا معنى قوله:(ما لم تتزوج).
(أو تكن القُرعة بحاكم)، من الحاكم؟ القاضي، فإن كان الحاكم هو الذي تولَّى القرعة فإنه لو رجع وقال: والله أنا فطنت أن الزوجة المقروعة ليست المطلَّقة، قلنا له: لا نقبل قولك، لماذا؟ لأنهم يقولون: إن حُكم الحاكم يرفع الخلاف، ويُلزم بالقضية، وعلى هذا فلا يُقبل قوله؛ لأنه نفذ الحكم، ولهذا لو رجع الشهود بعد حكم الحاكِم لم ينقضِ الحكم، لو شهد رجلان لشخص بأن هذا المال المدَّعى به له، فحكم به القاضي، ثم بعد الحكم رجعا وقالا: والله إنما كذبنا في شهادتنا، أو غلطنا، أو توهمنا؛ فإن الحاكم لا ينقض الحكم، ولكن يلزمهما الضمان لمن شهدوا عليه.
طالب: طيب في حالة ما إذا لم يقبل حكمًا وقال: إني تبينت أن الزوجة التي عنده هي التي وقع عليها الطلاق، والأخرى لم يقع عليها، ورفض، ما نوقع الطلاق على التي عنده؟