وقيل: إنه لا تحصل الرجعة بالوطء ولو بنية الرجوع، بل لا بد من اللفظ، ولكن هذا القول ضعيف؛ لأن عموم قوله تعالى:{فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ}[الطلاق: ٢] عام، فكل ما يدل على الإمساك فإنه يحصل به الإمساك.
قد يقول قائل: إن الله قال: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ}[الطلاق: ٢] والإشهاد ما يمكن على الجِماع؟
فيقال: بل يمكن أن يقول لاثنين: إنه جامعها بنية المراجعة، فيكون ذلك إشهادًا على الإمساك، فالصواب أن الرجعة لا تحصل بمجرد الوطء إلا إذا كان من نيته أنه ردها، وأنه استباحها على أنها زوجة، فإذا كان كذلك فهذه مراجعة، لكن على هذا القول: لو أنه راجعها بغير نية الرجوع، وأتت بولد من هذا الجماع، فهل يكون ولدًا له؟
الجواب: نعم، يكون ولدًا له؛ لأن هذا الوطء وطء شبهة؛ لأنها زوجته إلى الآن، ما بعد خرجت من عدتها، ولا يُحدُّ عليه حد الزنا، وإنما يُعزَّر عليه تعزيرًا؛ هذا إذا قلنا بأن الرجعة لا تحصل بالوطء المجرد.
قال:(ولا تصح مُعلَّقة بشرط).
(لا تصح) الضمير يعود أيش؟ على الرجعة، الكلام الآن في الرجعة.
(لا تصح معلقة بشرط)، مثل أن يقول: إذا جاء الشهر الفلاني فقد راجعتك، أو يقول: إذا حِضتِ الحيضة الثانية فقد راجعتُكِ، هذا لا يصح، لماذا؟ يقولون: لأن هذا لا يدل على الرغبة الأكيدة برجوعه، ولأنه رجوع يشترط تنجيزه، فلا يصح مُعلَّقًا.
ولكن هذا التعليل -كما ترون- عليل، فكوننا نقول في التعليل: إنه إرجاع يُشترط تنجيزه، هذا تعليل للحكم بالحكم فلا يُقبل، هذا مثل لو قلت: يحرم كذا وكذا؛ لأنه يحرم، هل تكون هذه علة؟ !
طلبة: لا.
الشيخ: لو قلت: يجب على الإنسان أن يصلي مع الجماعة، الدليل: لأنه يجب أن يصلي مع الجماعة! هذا دليل؟ ! لا. فإذا قلنا: إن الرجعة إرجاع يشترط فيه التنجيز فلا يصح مُعلَّقًا بشرط، قلنا: هذا تعليل بالحكم فلا يقبل.