للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومتى يكون بلوغ الأجل؟ إذا طهرت من الحيضة الثالثة بلغت الأجل، كما قال الله تعالى: {وَلاَ تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ} [البقرة: ٢٣٥]، فلما قال الله تعالى: {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ}، معنى ذلك أن له أن يراجعها بعد بلوغ الأجل.

لكن يبقى النظر ما الذي حَدَّده بالغسل؛ لأننا لو أخذنا بظاهر الآية كان نقول: إذا بلغت الأجل فلك الخيار بين الإمساك والمفارقة إلى ما لا نهاية له؛ لأن الآية ما حددت بالغسل ولا شيء، فإذا أخذنا بالآية هذه قلنا: لك أن تراجع وأن تفارق إلى ما لا نهاية له.

ولكنا نقول: لا، يحدَّد بالغسل؛ لأنها قبل أن تغتسل ما زال عليها آثار الحيض، والدليل على ذلك -أنه ما زال عليها آثار الحيض- أنها لا يمكن أن تصلي حتى تغتسل، أليس كذلك؟ ولا يطؤها زوجها حتى تغتسل؛ لقوله تعالى: {فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ} [البقرة: ٢٢٢]، وعلى هذا فيكون تحديده بالاغتسال ظاهرًا؛ لأنها قبل أن تغتسل ما زالت عليها آثار أحكام الحيض، ولهذا لا تصلي ولا يجامعها زوجها، فإذا اغتسلت انقطعت كل الآثار.

ويبقى النظر، ما هو الجواب عن قوله تعالى: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ}؟ نقول: هذه الآية تدل على أن له الحق في المراجعة ما دامت لم تكمل ثلاث حِيَض، والآية الثانية التي في سورة الطلاق، وسورة الطلاق بعدها، ولهذا تسمى سورة النساء الصغرى، هي بعد هذه، بعد آية البقرة، سورة الطلاق تدل على أن له أن يراجع بعد انقطاع الحيض، فيكون في آية الطلاق زيادة، ويجب الأخذ بالزيادة، وما دام مرويًّا عن عمر رضي الله عنه، وعن علي وابن عباس، هذا ..

طالب: وأبي بكر.

<<  <  ج: ص:  >  >>