للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والحكمة من اشتراط الوطء هو ألَّا يُظَنّ أن يكون النكاح لمجرد التحليل؛ لأنه إذا وطئها قد يرغب، وأيضًا هو دليل على رغبة الإنسان بالمرأة إذا جامعها، وهذه هي الحكمة، فدلَّت السنة على اشتراط الوطء، وكذلك التعليل والنظر دلَّا على أنه لا بد من الوطء.

وأما مَن قال من أهل العلم: إن المراد بالنكاح في الآية الوطء، ففيه نظر، إلا إذا أراد أن المراد الوطء بنكاح، فهذا صحيح؛ لأن الله يقول: {حَتَّى تَنْكِحَ}، والمرأة واطئة ولّا موطوءة؟ موطوءة، فلا يفسَّر اسم الفاعل باسم المفعول، صحيح أنها يُضَاف إليها النكاح اللي هو العقد: {حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا}، لكن ما يُضَاف إليها النكاح على أنها الفاعلة مرادًا به الوطء؛ لأنها هي موطوءة وليست واطئة.

وعلى هذا فإذا قال قائل: إذا قلتم هكذا فما الفائدة من قوله: {حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا}؛ لأن ظاهر الأمر أن الزواج متقدِّم على النكاح، {حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا}، ولم يقل: رجلًا، وهذا يُشْعِر بأن الزواج سابق على النكاح، فيكون المراد بالنكاح الوطء؟

قلنا: إنما قال الله عزّ وجل: {حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} إشارة إلى أنه لا بد أن يكون هذا النكاح مؤثِّرًا مترتِّبًا عليه أثره، وهي الزوجية، وذلك عبارة عن اشتراط كون النكاح صحيحًا، هذا وجه.

أو وجه آخر باعتبار ما سيكون، {تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} يعني: حتى يعقد عليها زوج، فهو باعتبار أنه إذا عقد صار زوجًا.

ثم قال المؤلف: (حتى يطأها زوج في قُبُل)، احترازًا من الدُّبُر، لو جامعها في دُبُر ما حَلَّت للزوج الأول، لماذا؟ لأنه لا يحصل ذوق العُسَيْلَة بوطء الدُّبُر، ثم هو أيضًا ليس محلًّا لذلك، فالإيلاج فيه كالإيلاج بين الفخذين لا عبرة به، فلا بد من أن يكون الجماع في قُبُل.

<<  <  ج: ص:  >  >>