للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال: (أو صيامِ فرضٍ)، هذا ما ذهب إليه المؤلف، وقال بعض أهل العلم: إنها تحل بالوطء في هذه الأحوال؛ لعموم الحديث، فإن قول الرسول عليه الصلاة والسلام: «لَا، حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ وَيَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ» (٤)، يشمل ما إذا كان الوطء حلالًا أو حرامًا، ولكنه يكون آثمًا، وليس الوطء عبادة حتى نقول: لا يصح مع التحريم، كالصلاة في أرض مغصوبة، وإنما الوطء شرط للحِلّ، وهذا القول أصح، ولذلك لو أنه سافر سفرًا محرَّمًا كان القَصْر والفطر فيه جائِزَيْنِ عند أبي حنيفة وشيخ الإسلام ابن تيمية وجماعة من أهل العلم؛ لأن الله عَلَّق الحكم على السَّفَر مُطْلَقًا، هذا أيضًا عُلِّق الحكم فيه على الوطء مطلَقًا، ولأنهم هم بأنفسهم يقولون هؤلاء: لو أنه جامَعها في وقت صلاة ضاقٍ وقتها، فإن ذلك يُحِلُّها للأول، مع أن الوطء في هذه الحال محرَّم، لماذا؟ لأنه يلزم منه إخراج الصلاة عن وقتها.

والصواب في هذه المسألة: أنها تَحِلّ ولو مع الوطء المحرَّم، وهو اختيار المُوَفَّق رحمه الله.

طالب: شيخ، الوطء ليس عبادة إطلاقًا؟

الشيخ: إي نعم.

الطالب: ولو مع النية؟

الشيخ: لا، مع النية حتى المباح يؤجر عليه.

طالب: ( ... ).

الشيخ: قلنا الآن: أنه إذا وطئها وطئًا محرَّمًا فلا يخلو إما أن يكون لمانع يمنع الوطء فيها كالحيض والنِّفاس، أو لعبادة لا يجوز الوطء فيها؛ كالصيام الفرض والحج والعمرة، فهذه لا تحل للزوج الأول.

أو لمعنى آخر، مثل أن تكون مريضة لا يحل وطؤها لمرضها، فيطؤها في هذه الحال، أو تكون في وقت صلاة ضاقَ وقتها فيطؤها في هذه الحال، فإنها تحل للزوج الأول.

والصحيح في هذا أنه لا فرق بين الصورتين، وأنها تحل للزوج الأول في الوطء المحرَّم للحيض والنفاس، والإحرام، وصيام الفرض، وضيق الصلاة، والمرض، وغير ذلك، وذلك لأن الأحاديث عامة: «حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ وَيَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ». (٤)

طالب: شيخ، الدُّبُر؟

<<  <  ج: ص:  >  >>