للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(حتى يخرج الدجَّال)، (الدجَّال) صيغة مبالغة من الدجل؛ وهو الكذب والتمويه، وهذا الدجال يكون في آخر الزمان، يخرج قبل نزول عيسى عليه الصلاة والسلام، ويدعي أول ما يخرج النبوةَ، ثم يدعي الربوبية، ثم يعطيه الله عزَّ وجلَّ تمكينًا يَفتتن به من شاء اللهُ، فإنه يأمر السماء فتمطر، ويأمر الأرض فتنبت، فإذا تبعه أهل البادية فإنها ترجع عليهم إبلُهم أسبغ ما تكون دَرًّا، وأوفر ما تكون أسنِمة، وإذا عصوه أو كذَّبُوه أصبحوا مُمْحِلِينَ، وتبعه نَعَمُهم كأنها النحل (٢)، هذا الدجال -والعياذ بالله- فتنته عظيمة، ولهذا أمر النبي عليه الصلاة والسلام مَن سمعه أن ينأى عنه، وقال: «إِنَّ الرَّجُلَ يَأْتِيهِ فَيَحْسَبُ أَنَّهُ مُؤْمِنٌ، ثُمَّ لَا يَزَالُ بِهِ حَتَّى يَفْتِنَهُ، فَمَنْ سَمِعَ بِهِ فَلْيَنْأَ عَنْهُ» (٣)؛ لأن فتنته عظيمة جدًّا، لكن أخبرنا نبينا عليه الصلاة والسلام أن معه جنة ونارًا، ولكن الجنة نار، جنته نار وناره ماء طيِّب عذب جَنّة، ولكنه يُمَوِّه على الناس، ولهذا سُمِّي الدجال، ويمكث في الأرض أربعين يومًا، اليوم الأول كسنة، اثني عشر شهرًا، والثاني كشهر، والثالث كأسبوع، والرابع كسائر أيامنا، ولما حدَّث النبي عليه الصلاة والسلام بهذا الحديث، قالوا: يا رسول الله، اليوم الواحد يكفينا فيه صلاة واحدة؟ قال: «لَا، اقْدُرُوا لَهُ قَدْرَهُ» (٢)، فبيَّن الرسول أنَّا نصلي في هذا اليوم صلاة كم؟ صلاة سنة كاملة، وفي هذا إبطال لقول أهل الفلك بأن الأفلاك ما تتغير لا بانشقاق ولا بتأخُّر ولا بتقدُّم، وهذا بناء منهم على أنها أزلية، والأزلي أبدي ما يتغير، ولكنهم كذَبوا؛ فإن الأفلاك مخلوقة لله عزّ وجل، يتصرف فيها الخالق كما يشاء سبحانه وتعالى.

إذا قال: حتى يخرج الدجال، المدة تزيد على أربعة أشهر؟

طلبة: غالبًا.

الشيخ: غالبًا، نعم.

(أَوْ قال: لا وطئتك حَتَّى تَشْرَبِي الخَمْرَ).

<<  <  ج: ص:  >  >>