للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أهل العلم في ضابط ذلك: ما طلب إيجاده من كل شخص بعينه فهو فرض عين، وهذا يُنظَر فيه إلى العامل، وما طلب إيجاده بقطع النظر عن فاعله، فهو فرض كفاية، وهذا يُنظَر فيه إلى العمل، فما لوحظ فيه وجود العمل فهو كفائي، وما لوحظ فيه وجوده من كل شخص بعينه فهو أمر عين، سواء كان فرضًا أو سنة.

أيهما أفضل؟ الصحيح بلا شك أن الأفضل فرض العين؛ لأن إيجاب الله له على كل واحد بعينه دليل على أهميته، وأنه لا يتم التعبد إلا به، بخلاف فرض الكفاية.

إذا قال قائل ما هو الدليل على فرضيتهما؟

قلنا: الدليل على ذلك النصوص الكثيرة الدالة على الأمر بهما.

ثانيًا: مواظبة النبي صلى الله عليه وسلم عليهما حضرًا وسفرًا.

ثالثًا: تعين المصلحة بهما؛ لأنهما من شعائر الإسلام الظاهرة، أرأيت لو أتيت إلى بلد ليس فيها أذان ولا إقامة لم تجد فرقًا بينه وبين بلاد الكفر، فصارا فرضا كفاية.

قال المؤلف: (على الرجال) (الرجال) جمع (رجل)، وتطلق على البالغين، فخرج بذلك الصغار، وخرج بذلك الإناث، وخرج بذلك الخناث؛ لأنهم ليسوا رجالًا، فلا تجب على الصغار.

فلو فرضنا أن صغارًا خرجوا في نزهة، وجاء وقت الصلاة، فإنه لا يلزمهم الأذان والإقامة؛ لأنهم ليسوا رجالًا، بل هم صغار، ثم هم أيضًا ليسوا من أهل التكليف لعدم الوجوب عليهم.

النساء هل يجب عليهن الأذان والإقامة؟ كلام المؤلف يدل على أنه لا يجب عليهن أذان ولا إقامة؛ لأنه قال: (على الرجال)، سواء كان هؤلاء النساء منفردات عن الرجال أو كان حولهن الرجال.

ولكن ما حكم الأذان والإقامة في حقهن إذ لم نقل بالوجوب؟ في هذا روايات عن الإمام أحمد رحمه الله؛ رواية: أنهما يكرهان، ورواية: أنهما يباحان، ورواية: أنهما يستحبان، ورواية: أن الإقامة مستحبة دون الأذان، فالروايات عن الإمام أحمد أربع؛ الكراهة، والإباحة، والاستحباب، والتفصيل؛ يستحب في الإقامة، ولا يستحب في الأذان.

<<  <  ج: ص:  >  >>