للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ولا يجزئ من البُرّ أقل من مُدٍّ، ولا من غيرِهِ أقلُّ من مُدَّيْنِ)، هذا مقدار، صار الجنس -جنس الطعام- على المذهب ما يجزئ في الفطرة، وهي خمسة.

المقدار، قال: (لا يجزئُ من البُرِّ أقلُّ من مُدٍّ)، ما هو الْمُدّ؟ الْمُدّ رُبع الصاع بصاع النبي صلى الله عليه وسلم، وصاع النبي صلى الله عليه وسلم أقل من صاعنا الآن بالْخُمس وخُمس الْخُمس، يعني معناه أنك تضيف إلى صاع النبي صلى الله عليه وسلم تضيف ربعًا وتضيف أيضًا خُمس الربع، ويكون على مقدار الصاع الموجود هنا في القصيم، وقد حَرَّرْنَاه ووجدنا صاع النبي عليه الصلاة والسلام كم؟ ألفي جرام وأربعين جرامًا، يعني كيلوين وأربعين جرامًا، فإذا أطعم الإنسان على هذا القدر من البُرّ كفى.

أما غيره فلا بد أن يكون من مُدَّيْن، يعني نصف الصاع، ويش غير البُرّ على المذهب؟ التمر والشعير والزبيب والأقط، هذه نصف صاع والبُرّ مُدٌّ.

ما هو الدليل على هذا التفريق مع أن النبي عليه الصلاة والسلام قال لكعب بن عجرة: «أَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ، لِكُلِّ مِسْكِينٍ نِصْفُ صَاعٍ» (٧)، فما هو الدليل على هذا التفريق؟

يقولون: إن الدليل على هذا التفريق أن معاوية رضي الله عنه حين قَدِمَ المدينة وكثُر فيها البُرُّ، قال: إني أرى أن الْمُدّ من هذا يعدل مُدَّيْنِ من التمر (٨)، فأخذ الناس به في عهد معاوية، وصاروا يُخْرِجون في الفطرة نصف صاع، فقالوا -أي الفقهاء-: إننا نجعل الواجب من البُرّ على النصف من الواجب من غيره، مع أنهم في باب صدقة الفطر وافقوا معاوية ولّا لا؟ ما وافقوه، خالفوه، وقالوا: يجب صاع حتى من البُرّ، وهذا فيه شيء من التناقض، ولهذا الصواب أننا إذا أردنا أن نُقَدِّر فإما أن نُقَدِّر بنصف الصاع، وإما أن نُقَدِّر بما يكفي الفقير من كل الأصناف، يعني من البُرّ ومن غير البُرّ، وأما أن نفرِّق بدون دليل من الشرع فإن هذا لا ينبغي.

<<  <  ج: ص:  >  >>