للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كذلك أيضًا قولها هي: (أشهدُ باللهِ لقد كذبَ فيما رَمانِي به من الزِّنا) ليس في القرآن ما يدل على ذلك، لو قالت: أشهد بالله إنه لمن الكاذبين، فقط، يصح ولَّا ما يصح؟ يصح، على القول الراجح، أما المذهب لا بد أن تصرح بأنه كاذب فيما رماها به من الزنا، قالوا: إنما اشترطنا ذلك؛ لئلا تؤول، فتقول: أشهد بالله إنه كاذب؛ يعني: في شيء آخر غير هذه المسألة، فلا بد أن تقول: فيما رماني به من الزنا؛ لئلا تتأول.

ولكن يجاب عن ذلك فيقال: إن التأويل في مقام الخصومة لا ينفع؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام يقول: «يَمِينُكَ عَلَى مَا يُصَدِّقُكَ بِهِ صَاحِبُكَ» (٤)، فلا عبرة للتأويل.

وبناء على ذلك لو اقتصرت على اللفظ الوارد في الآية: أشهد بالله إنه لمن الكاذبين لكفى، وهذا الذي اختاره ابن القيم رحمه الله؛ لأنه ما دام ما فيه القرآن ليش نلزمهم ونقول: إذا لم يكن هكذا لازم إعادة اللعان، أو إذا لم يكن هذا لا يترتب عليه حكم اللعان؟ ! لأن هذا -أي كلام المؤلف- إذا اختل شرط فإن اللعان لا يمكن أن يُجرى بينهما، ولا يثبت له حكم.

وقوله: (ثم تقول في الخامسة: وأن غضب الله عليها إن كان من الصادقين) (غضب)، أيهما أشد الغضبُ أو اللعنُ؟ الغضب أشد، وإنما ألزمت بما هو أشد؛ لأن زوجها أقرب إلى الصدق منها، صح ولَّا لا؟

طالب: نعم.

الشيخ: هذه واحدة، وألزمت بالغضب أيضًا؛ لأنها عالمة بحقيقة الأمر، الزوجة عالمة بحقيقة الأمر أنها زانية -مثلًا- فإذا أنكرت ما تعلم استحقت الغضب؛ لأن إنكار الحق مع علمه موجِب للغضب؛ ولهذا كان اليهود مغضوبًا عليهم؛ لأنهم علموا الحق وجحدوه، هذه لما كان ذنبها مشبهًا لذنب اليهود صار في حقها الغضب دون اللعن، أما هو فكان في حقه اللعنة؛ لأنه بفعله هذا يوجب .. أو تهمته هذه توجب إبعاد الناس عن هذه المرأة وتركهم إياها ولعنهم لها، فكان من المناسب أن يكون له اللعن، وفي هذا دليل على الحكمة العظيمة في هذه الشريعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>