الشيخ: ولو كبيرة؛ وذلك لأن الصغيرة التي لا يُوطأ مثلها لا يلحقها العار كما يلحق التي يوطأ مثلها، والمجنونة كذلك لا يلحقها العار كما يلحق العاقلة؛ فلهذا لا يجب عليه حد القذف، يقول المؤلف:(عُزِّر ولا لعان) والتعزير في اللغة يطلق على عدة معانٍ؛ منها النصرة، كما في قوله تعالى:{لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ}[الفتح: ٩]، ومنها التأديب، وهو المراد هنا، فمعنى (عُزِّر) يعني: أُدِّب.
والتعزير على المشهور من المذهب لا يُتجاوز به عشر جلدات؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم:«لَا يُجْلَدُ أَحَدٌ فَوْقَ عَشَرَةِ أَسْوَاطٍ إِلَّا فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ»(٧)، فعلى هذا يكون التعزير من العشر فأقل.
والصحيح أن التعزير -كما يدل عليه اسمه- ما يحصل به التأديب، سواء كان عشر جلدات أو خمس عشرة جلدة أو عشرين جلدة أو أكثر، إلا أن التعزير إذا كان في مكان له حد فإنه لا يُبْلَغ به الحد، فالتعزير على قذف الصغيرة والمجنونة لا يمكن أن يصل إلى ثمانين جلدة، لماذا؟ لأن حد القذف في الكبيرة العاقلة المحصنة ثمانون، فلا يمكن أن يبلغ التعزير إلى غاية الحد، وهذا القول هو الراجح؛ أن التعزير ما يحصل به التأديب ولو زاد على عشر جلدات، إلا أنه إذا كان جنسه فيه حدٌّ فإنه لا يُبْلغ به الحد؛ لئلا نلحق ما دون الذي يوجِب الحد بالذي يوجب الحد.
وقول المؤلف:(ولا لعان) يعني: لا تلاعن بين الزوج والزوجة فيما إذا كانت صغيرة دون التسع، أو كانت مجنونة؛ لأنه لا يصح اللعان منها، وقد سبق أنه يُشْتَرط في اللعان أن يكون الزوجان مكلَّفين، بالغين، عاقلين.