الشيخ: هذا القول هو الراجح، بل المتعين؛ لأن مثل هذه المسألة قد يُبْتَلى بها الإنسان، وإلحاقنا الولد بهذا الرجل وهو يقول: ليس مني، معناه: سينسب إليه، ومعنى ذلك أن أبناءه يكونون إخوة، ويجري التوارث بينه بينه وبين أولاده وبين هذا الرجل، والمسألة يتفرع عليها أحكام كثيرة، وهذا الرجل متيقنٌ أنه ليس منه. كيف نقول: لا بد أن تقول الزور، ثم تلاعن؟ ! ويش هو الزور؟ أن يقذفها بالزنا، يقول: ما أنا بقاذفها بالزنا، ولا أستطيع أني أخفي ذمتي وألطخ عرضها، ولكن هذا الولد ليس منه.
ولهذا هذا القول مَنْ تصوَّره وتصوَّر نتائجه عرف أنه قول ضعيف جدًّا، بل باطل، وأن الصواب الذي اختاره أكثر الأصحاب، ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم وجماعة من المحققين؛ أنه يجوز اللعان لنفي الولد، وهو الذي تشهد العقول بصحته.
ولكن هاهنا مسألتان:
المسألة الأولى: إذا قلنا بصحة اللعان لنفي الولد، هل يجوز أن ينفيه قبل أن يُولَد أو لا ينفيه حتى يُولَد؟ هذه واحدة.
ثانيًا: هل يُشْترط أن تلاعن الزوجة فيما إذا كان اللعان لنفي الولد، أو يُكْتَفى بلعان الزوج؟ هاتان مسألتان، وفيهما أيضًا خلاف.
أما المسألة الأولى: فالمذهب لا يصح نفي الولد إلا بعد وضعه، ينتظر حتى يُوضَع، ليش؟ قالوا: لأنه يحتمل أن يكون ريحًا وأنه ليس بحمل، فلا يَرِدَ عليه نفي حتى يُوضَع؛ لأنه هو الحال التي نتيقن فيها أنه ولد.
والقول الثاني في المسألة: إنه يصح الانتفاء من الولد قبل وضعه، وهذا هو الصواب؛ لدلالة السنة عليه، ولأنه هو مقتضى القياس.
أما السنة؛ فإن الولد الذي جاءت به امرأة هلال بَيَّن الرسول عليه الصلاة والسلام أنه إن جاءت به على وجه كذا فهو لفلان، وعلى الوجه كذا فهو لهلال، فدلَّ هذا على أنه يمكن أن يُنْفى قبل الوضع، وعلى هذا فنقول: إن الصواب جواز الانتفاء منه قبل الوضع.