القول الثاني: أنه يُلحَق به منذ العقد، سواء أمكن اجتماعه بها أم لم يمكن. وعلى هذا القول: إذا تزوج امرأة وهو في أقصى المشرق وهي في أقصى المغرب، ثم ولدت بعد العقد بعد نصف سنة فإنه يُلحق به ولّا لا؟ يلحق به. لو ما سافر، نعرف أنه في هذا البلد ما سافر، وهي أيضًا في ذاك البلد ما سافرت، يقولون: يُلحق به. ليش؟ يقولون: لأن المرأة تكون فراشًا بمجرد العقد، ولا يُشترط أن يمكن اجتماعه بها، بمجرد ما يعقد عليها تكون فراشًا له.
والقول الثالث: أنها لا تكون فراشًا له حتى يتحقق اجتماعه بها ووطؤه إياها؛ لأنها فراشه، فراش بمعنى مفروش، ولا يمكن يفرشها إلا إذا جامعها؛ وعلى هذا القول إذا عقد عليها ولم يدخل بها وأتت بولد لأكثر من ستة أشهر فليس ولدًا له. وهذا القول هو الصحيح وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، على أنها ما تكون فراشًا إلا بحقيقة الوطء، وإلَّا فلا تكون فراشًا. كما أن الأَمَة كما سيأتي إن شاء الله ما تكون فراشًا لمالكها إلا إذا وَطِئَها، وهذا هو مقتضى اللغة ومقتضى الدليل العقلي؛ فالفراش لا بد أن يفترش، وأما العقل فكيف يمكن أن نلحقه وهو يقول: أنا ما دخلت عليها ولا جئتها أبدًا، وهم يقولون: لكن يمكن. يا جماعة ما دخلت، قالوا: يمكن، إن كنت صادقًا فلاعن لنفي الولد، إن قلنا بجواز الملاعنة لنفي الولد، وقد سبق لنا أن المذهب أنه لا يلاعن لنفي الولد وإنما إذا ( ... ) في الولد لازم يقذفها بالزنا ثم يلاعن لدرء الحد وينفي الولد.
وسبق لنا أيضًا أن المذهب لا يصح نفي الولد إلا بعد وضعه، وأن الصحيح أنه يصح نفيه قبل الوضع كما جرى بحكم النبي عليه الصلاة والسلام.