للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقول المؤلف: (تركوهما) يحتمل أن المراد: تركوهما جميعًا، أو أن المراد: تركوا واحدًا منهما؛ أما إذا تركوهما جميعًا فالأمر واضح أنهم يقاتلون، ولكن إذا تركوا واحدًا منهما؛ فإن كان الأذان فقتالهم ظاهر أيضًا؛ لأن الأذان من العلامات الظاهرة، وإن كان الإقامة فيحتمل أن يقاتلوا أيضًا؛ لأنها علامة ظاهرة، لكنها ليست كالأذان؛ لقول النبي عليه الصلاة والسلام: «إِذَا سَمِعْتُمُ الْإِقَامَةَ فَامْشُوا إِلَى الصَّلَاةِ» (٢١)، فدل هذا على أن الإقامة علامة ظاهرة تسمع، ويحتمل ألَّا يقاتلوا.

فإن قال قائل: كيف يقاتلون وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ» (٢٢)؟

قلنا: هناك فرق بين القتل والقتال، فليس كل من جاز قتاله جاز قتله؛ ولهذا نقاتل إحدى الطائفتين المقتتلتين حتى تفيء إلى أمر الله مع أنها مؤمنة ما تُقْتَل.

أما القتل فلا يلزم منه أيضًا المقاتلة للعموم، قد يكون واحدًا من هؤلاء استحق القتل فنقتله ولا نقاتل الناس، فتبين بهذا أنه لا تلازم بين القِتال والقَتل، وأن جواز القتال أوسع من جواز القتل؛ لأن القتل لا يجوز إلا في أشياء معينة مخصوصة بخلاف القتال.

<<  <  ج: ص:  >  >>