للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعلى كل حال فإن انشرح صدر الإنسان للاستدلال بهذا الحديث مع تأييده بالأدلة الأخرى فلا بأس، وإلا فما دام عندنا دليل واضح فلا حاجة إلى المناقشة في دليل خفي؛ لأن من آداب المناظرة أنه إذا كان هناك دليل واضح فإننا لا نلجأ إلى المشتبِه الذي يحتمل للجدال، ولهذا إبراهيم عليه الصلاة والسلام لما قال للذي أنكر الرب، لما قال له: {رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ}، قال: {أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ} [البقرة: ٢٥٨]، هذا فيه التلبيس وإلا ما هو صحيح، ما هو يحيي ويميت، فقال له إبراهيم: {فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ} [البقرة: ٢٥٨]، هذا ما فيه جدال.

طالب: لكن هنا ليس محرمًا عليها، يعني «لَا يَحِلُّ» من غير هذا الرجل، مثل إنسان نفس المعنى، هنا لا يحل الحرمة في غير الزوج، فلو كان المحرم من الزوج إلا في حالات معينة، قد يصح؟

الشيخ: لا، حتى هذا، حتى مثله، لا فرق؛ لأن نفي الحل عن فرد من أفراد الخلق، ثم استثناء واحد، معناه أن هذا الواحد كان في الأصل داخلًا في العموم، كان في الأصل من أفراد الناس ما يحل له؛ لأن الحكم واحد، فلما قيل: إلا في كذا صار استباحة لما حرم.

وعلى كل حال -كما قلت-: ما دام المسألة فيها احتمال، ندع هذا إلى ما هو أوضح منه، إذن الإحداد واجب، دليله منين؟ من القرآن ومن السنة.

(الإحداد مُدَّةَ الْعِدَّةِ) (مدة) هذه ظرف، يعني زمن العدة سواء طالت أم قصرت، إذا كانت حائلًا فعدتها أربعة أشهر وعشرة أيام، فإحدادها أربعة أشهر وعشرة أيام. إذا كانت حاملًا فعدتها إلى وضْع الحمل، فإحدادها إلى وضع الحمل. إذا لم تعلم بموت زوجها إلا بعد تمام العدة فلا إحداد؛ لأنه تابع للعدة.

(مدة العدة كل امرأة متوفًّى عنها زوجها في نكاح صحيح) (متوفًّى) باسم مفعول؛ لأنه مقبوض، وليس (متوفٍّ)؛ لأن (متوفٍّ) بمعنى قابض، وقد سبق لنا أن بعضهم أجاز (متوفٍّ).

<<  <  ج: ص:  >  >>