للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقول المؤلف: (أثمت)، وكذلك تعبير بعضهم: الواجب ما أُثِيب فاعله وعُوقب تاركه، يريدون بذلك -رحمهم الله- أنها استحقت ذلك، أن تارك الواجب استحق أن يُعاقب، ولكن ليس بلازم؛ لجواز أن يعفو الله عنه؛ لأن الله يقول: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: ٤٨]، فقول المؤلف هنا: (أثِمت) يعني استحقت الإثم، ولا يُلزم أن يصيبها الإثم، كيف؟ لأن الله قد يعفو عنها؛ لعموم قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ}.

وهل لهذا الإثم من دواء؟ نعم، دواؤه التوبة إلى الله عز وجل، أن تندم على ما مضى، وأن تعزم على ألا تعود في المستقبل.

وقوله: (وتمت عدتها بمضي زمانها)، لماذا لا نقول: إن العدة لا تتم؟ لأن الإحداد ليس بشرط لها، وإنما هو واجب، فليس بشرط لها، ولهذا لو أنها تركت الإحداد فإنها تنتهي العدة إذا مضى زمانها. وزمان العدة ما هو؟ أربعة أشهر وعشرة أيام، إلا أن تكون حاملًا فإلى وضع الحمل.

[باب الاستبراء]

ثم قال المؤلف: (باب الاستبراء).

(الاستبراء) فيه حروف زوائد، وحروف أصول، الحروف الزوائد: الهمزة، والسين، والتاء، والأصول: الباء، والراء، والهمزة.

مأخوذ من البراءة، الاستبراء مأخوذ من البراءة، البراءة يعني التخلي من الشيء، ومنه قولهم: (برئ من دينه)، يعني تخلى منه ولم يبقَ عليه له شيء.

وأما شرعًا فإنه تربصٌ يُقصد منه العلم ببراءة رحم ملك يمين، هكذا قالوا، والصواب أن يقال: تربصٌ يُقصد منه العلم ببراءة الرحم، ما هو ببراءة رحم ملك اليمين؛ لأن الاستبراء قد يكون لغير المملوكة، وقد سبق أن من وُطئت بشبهة -على القول الراجح- فإنها استبراء، والمزني بها استبراء، والموطوءة بعقد باطل استبراء، وهكذا؛ فإذن التعريف الصحيح أن نقول: تربُّص يُقصد به العلم ببراءة الرحم.

<<  <  ج: ص:  >  >>