للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الشيخ: بالمصاهرة لا بالنسب، بالإجماع.

وعلى هذا فيكون الحديث مُخْرِجًا لذلك، ( ... ) من الرضاع ما يحرُم من النسب، وأيضًا فإن الله تعالى يقول: {وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ} [النساء: ٢٣]، فخرج به الابن الذي من الرضاع، زوجته ما تحرم عليه؛ لأنه ليس ابنًا للصُّلب.

لكن هذه الآية أجاب الجمهور عنها بأنها احتراز من ابن التبني، والجواب عن جوابهم أن يقال: إن ابن التبني ليس ابنًا شرعيًّا حتى يحتاط إلى الاحتراز عنه، أصلًا ما دخل في قوله: {أَبْنَائِكُمُ}؛ لأن بنوته باطلة.

وثانيًا: على فرض أنه داخل في البنوة فإن قوله: {مِنْ أَصْلَابِكُمْ}، لماذا لا نجعله احترازًا من ابن الصلب وابن الرضاع، فيكون مُخْرِجًا للجنسين؛ ابن الصلب وابن الرضاع.

فإن قلت: إن عموم قوله تعالى: {وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ} يشمل أمها من النسب، وأمها من الرضاع؟

فالجواب أن الأم عند الإطلاق لا تدخل فيها أم الرضاع، بدليل قوله: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ}، ثم قال بعد ذلك: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ}، ولو كانت الأم عند الإطلاق يدخل فيها أم الرضاع ما ذكرها مرة ثانية.

والحاصل أن هذا القول هو القول الراجح، وإن كان خلاف رأي الجمهور؛ لأنه ما دام المسألة ليست إجماعًا فلا ضَيْرَ على الإنسان أن يأخذ بقولٍ يراه أصح.

شيخ الإسلام رحمه الله نقل عنه ابن رجب أنه يرى هذا الرأي؛ أن الرضاع لا يُؤَثِّر في ( ... )، وذَكَرَ عنه ابن القيم أنه توقَّف فى ذلك، ولا يمنع أن يكون توقَّف ثم تَبَيَّن له بعد ذلك الأمر، كما يوجد في كثير من آرائه رحمه الله، في أن يرى، يعنى يُصَرِّح بأنه رجع عن رأيه أو يَتَبَيَّن واضحًا أنه رجع عن رأيه، وأحيانًا يكون فيه توقف.

فالحاصل أن المسألة هذه فيها خلاف، والراجح أنه لا تأثير للرضاع في المصاهرة؛ للأدلة التي شرحناها.

<<  <  ج: ص:  >  >>