الجواب: إن الكل من عند الله، ولا مانع من أن نقيِّد مطلق هذا بِمُقَيَّد هذا، ثم إننا نقول أيضًا: إن المطلَق فيه نوع من الإجمال، {أَرْضَعْنَكُمْ} فيه شيء من الإجمال، والسنة بَيَّنَتْه كما بَيَّنَتْ شيئًا كثيرًا من القرآن، {أَقِيمُوا الصَّلَاةَ}[البقرة: ٤٣] أيش اللي بَيَّنَ الإقامة؟
طلبة: السنة.
الشيخ: فالطبيعي الآن {أَقِيمُوا الصَّلَاةَ} أنك تقوم وترفع يديك بتكبيرة الإحرام، وتستفتح وتقرأ، وتركع وتسجد، على حسب الصفة المشهورة من كلمة {أَقِيمُوا} ما تستطيع.
كذلك {فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ}[البقرة: ١٩٦] الصيام هنا مطلق، لو صام يومًا واحدًا يكفيه؟ علي الْمُطْلَق يكفيه، لكن السُّنَّة بَيَّنَت أن الصيام كم؟
طلبة: ثلاثة أيام.
الشيخ: ثلاثة أيام، وكذلك الصدقة، لو تصدَّق الإنسان بربع صاع يكفي على ظاهر الآية؟
طلبة: نعم.
الشيخ: ومع ذلك ما يكفي إلا إطعام ستة مساكين، لكل مسكين نصف صاع، فليس هذا بغريب أن السنة تُبَيِّن وتُقَيِّد الْمُطْلَق في القرآن، واضح؟
بقينا الآن المعترَك بين قول من يقول: إنها خمس رضعات وثلاث رضعات، ذكرنا قبل قليل أن خمس رضعات اللي عليه الحديث الذي رواه مسلم وغيره من أصحاب السنن، أن عائشة قالت: كان فيما أُنْزِلَ من القرآن عشر رضعات، ثم نُسِخْنَ بخمس معلومات، فهذا صريح بأن الخمس هي المحرِّمة، ولهذا قال: خمس رضعات معلومات يُحَرِّمْنَ، وعائشة رضي الله عنها بَيَّنَت أنها نُسِخَت بخمسٍ معلومات، وهذا يدل على التحريم.
فإن قلت: إن حديث عائشة ليس فيه حصر، ما قال الرسول: لا يُحَرِّم إلا خمس، ونحن نقول: تُحَرِّم الخمس، وتُحَرِّم الأربع، وتُحَرِّم الثلاث، أفهمتم؟ ترى هذا إيراد قوي جدًّا، هذا إيراد من أقوى الإيرادات.