لو أنه وطئها وصار لها لبن بدون حمل، فظاهر كلام المؤلف قوله:(أَوْ وَطْءٍ) أن هذا اللبن يثبت له أحكامُ ما نشأ عن حمل، وهذا أحد القولين في المذهب، ولكن المشهور من المذهب أنه إذا وطئها وصار فيها لبن من الوطء فإن هذا اللبن لا يُؤَثِّر؛ لأنه على المذهب لا يُؤَثِّر إلا ما كان ناشئًا عن حمل.
وعلى هذا فنقول: قوله: (أَوْ وَطْءٍ) الشارح رحمه الله صرفها، قال: أو وطء نكاح أو شبهة، ولكن هذا صرف من الشارح؛ لأن التي وُطِئت بشبهة أو بنكاح فاسد مثلًا إذا وُطِئَت ستحمل، لو وُطِئت ولم تحمل وجاء اللبن فهو على المذهب لا يُؤَثِّر؛ لأنه يُشْتَرَط أن يكون اللبن ناشئًا عن حمل، لكن أقول الآن: إن المسألة فيها قول ثانٍ، خلاف المذهب، بأنه إذا نشأ اللبن عن وطء فهو مُؤَثِّر كما لو نشأ عن حمل.
هل هناك قول ثالث؟ نعم، هناك قول ثالث، وهو أن اللبن مُؤَثِّر، سواء كان فيه وطء أو حمل، حتى من البكر اللي ما تزوجت إذا صار لها لبن فإنه يؤثر، فتكون الأقوال إذن كم من قول؟ ثلاثة:
المذهب: لا بد أن يكون ناشئًا عن حمل.
والقول الثاني: أن يكون ناشئًا عن حمل أو وطء.
والقول الثالث: لا يُشْتَرَط هذا ولا هذا، لا أن يكون ناشئًا عن حمل، ولا أن يكون ناشئًا عن وطء، وهو مذهب الأئمة الثلاثة، ورواية عن أحمد، وهي الصحيحة.
وقوله:(وَوَلَدَ مَنْ نُسِبَ لَبَنُهَا إليه)، هذه المسألة فيها خلاف قديم، ولكن الصواب بلا شك الذي عليه الجمهور أنه يكون ولدًا لمن نُسِبَ لبنها إليه، ويسمى هذا لبنَ الفحل، ويُعَبَّر عنه عند أهل العلم هل لبن الفحل ينشر الْحُرْمَة أو لا؟ والصواب أنه ينشر؛ لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم:«يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ».