الجهة الثالثة: أننا لو قبلنا قولها لزم من ذلك مفاسد كثيرة؛ كل امرأة تكره زوجها تقول: أنت أخي من الرضاع، ولو أنا قبلنا هذا صار فيه مفاسد عظيمة.
فالحاصل أنها تكون زوجته حكمًا لأمورٍ ثلاثة:
الأمر الأول: أن دعواها هذا يستلزم إبطال النكاح والأصل بقاؤه.
الثاني: أن قبول دعواها يستلزم إسقاط حق زوجها، ولا يمكن بدعوى تتضمن إسقاط دعوى الغير إلا ببينة، قبولها إلا ببينة.
الثالث: أننا لو قبلنا قولها لزم من ذلك مفاسد كثيرة، كل امرأة تكره زوجها تقول: أنت أخي من الرضاع.
وكلمة (حكمًا) يعني ظاهرًا أما في الباطن، فإن كانت أخته من الرضاع فالنكاح باطل، وإن لم تكن أخته فهو صحيح ظاهرًا وباطنًا، والخلاصة الآن إذا قالت: أنت أخي من الرضاع. فإن صَدَّقها فكما لو قاله هو، يكون النكاح باطلًا وإن كَذَّبَها فلا يخلو من حالين: إما أن تكون كاذبة أو صادقة.
إن كانت كاذبة فالنكاح صحيح ظاهرًا وباطنًا، وإن كانت صادقة فالنكاح صحيح ظاهرًا.
وهنا قول المؤلف:(فهي زوجته حُكمًا) النكاح صحيح ظاهرًا أما باطنًا، ما ندري قد يكون أنها صادقة.
بالنسبة لزوجها في هذه الحال هل يلزمه القبول؟ ( ... ) حرج، هل يلزمني قبول قولها أو لا يلزمني؟ لا، ما نقول: لا يلزم، ولا نقول: يلزم، سبق لنا شيء نظير لها في باب ما يدين به الزوج في مسألة الطلاق، أو ما تذكرون المسائل التي يدين فيها الزوج؟ قلنا: إذا كانت الزوجة تعلم صدق زوجها وأمانته وجب عليها ألا تحاكمه، وأن تقبل قوله.
كذلك في هذه المسألة؛ إذا كان الرجل يعرف أن هذه المرأة امرأة صالحة وأمينة وأنها تحبه لكن تبين لها أنها أخته من الرضاع فالواجب عليه أن يصدقها، وإذا كان لا يدري عنها أو يشك أو يغلب على ظنه أنها كاذبة فإنه لا يلزمه أن يصدقها؛ ولهذا قال:(فهي زوجته حكمًا).
طالب: إذا قالت: ( ... ).
الشيخ: اصبر، إذا حكمنا بأنها زوجته حكمًا، ولكن هي متيقنة أنه أخوها من الرضاع، فما هو الواجب عليها؟