والذي أراه أقرب إلى ظاهر القرآن، هو مذهب مالك والشافعي رحمهما الله ( ... ).
ويحمل حديث فاطمة في مسألة السكنى على أنه لما كان المكان وَحْشًا فإنها لا تلزم زوجها بأن يستأجر لها بيتًا، وقال: الآن تعذرت السكنى في بيته وأنتِ بائنة منه، فلا يلزم بإسكانك في بيتٍ سوى بيته، هذا هو خلاصة الأقوال في هذه المسألة.
ومن العجيب أن المفسرين -رحمهم الله- يمرون على هذا ولا يذكرون سوى أقوال المذاهب فقط، يعني ما يأتون بالآية بمناقشاتها.
أحسن مَن رأيت متكلِّمًا عليها هو ابن القيم رحمه الله في الزاد، لكنه يرجح ما ذهب إليه الإمام أحمد.
أما قول المؤلف:(إن النفقة للحمل لا لها من أجله) فقد تقدم أيضًا خلاف أهل العلم في ذلك، وهل النفقة للحمل أو لها من أجله؟ وبَيَّنَّا أن الصحيح أن النفقة للحمل، لكنه لما كان لا طريق لنا إلى إيصال انتفاعه للحمل إلا عن طريق تغذية الأم صار الواجب الإنفاق على هذه الأم من أجل الحمل.
وبَيَّنَّا القاعدة في ذلك؛ أن كل إنسان ينسب إليه حمل هذه المرأة يجب عليه الإنفاق عليها.
يعني يَنْبَنِي على هذا القول الصحيح أن كل شخص يُنْسَب إليه هذا الحمل فإنه يجب أن ينفق عليها، سواء كانت زوجةً التي حملت به أم غير زوجة.
وبناء على ذلك لو وطئ امرأة بشبهة وحملت منه وجب عليه الإنفاق، ولو أنه أعتق أَمَتَه بعد أن حملت منه وجب عليه الإنفاق، مع أنه إذا أعتقها زال سبب وجوب النفقة؛ لأنها ليست زوجة ولا مملوكة، لكن من أجل أن الحمل الذي في بطنها له يجب عليه أن ينفق.
فالقاعدة إذن -التي ينبغي لطالب العلم أن يفهمها ليبني عليها كل مسألة تتجدد-: أن كل مَن كان حمل المرأة ينسب إليه فإنه يجب عليه الإنفاق عليها، سواء كانت زوجة أم غير زوجة.
طالب: لو كانت النفقة للحمل، هل يلزمه ( ... ).
الشيخ: هم يَرَوْنَ أنها تلزمه تبعًا للأكل والشرب، ولأن الكسوة في أيام الشتاء ضرورية، لا بد منها، لو لم تكتسي لكان خطرًا عليها.