للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وعُلم من قوله: (وتعذر أخذُها من ماله) أنه لو أمكن أن تأخذها من ماله فلها أن تأخذ، وليس لها الفسخ، تأخذ ولو لم يعلم؟ ولو لم يعلم، والدليل على ذلك قصة هند بنت عتبة رضي الله عنها حين قالت للرسول عليه الصلاة والسلام: إن أبا سفيان رجل شحيح، لا يعطيني من النفقة ما يكفيني ويكفي بني، فقال لها النبي عليه الصلاة والسلام: «خُذِي مِنْ مَالِهِ مَا يَكْفِيكِ وَيَكْفِي بَنِيكِ بِالْمَعْرُوفِ» (١٢). هذا هو الدليل.

وعلى هذا فنقول: إذا أمكنها أن تأخذ شيئًا من ماله من الصندوق، أو من الحجرة، أو من أي مكان وتنفق فلها ذلك، عليها وعلى ولدها أيضًا؟ نعم، عليها وعلى ولدها، لكن بالمعروف، ويش معنى المعروف؟ هو الذي لا يخرج عن الحدود الشرعية والعادية، هذا المعروف، فإن قيل: كيف يجوز أن تأخذ من ماله بدون إذنه؟ وهل هذا إلا خيانة؟ وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: «لَا تَخُنْ مَنْ خَانَكَ» (١٣).

فالجواب: لا، هذا ليس من باب الخيانة، ولكنه من باب أخذ الحق مع القدرة عليه، هي ما خانته؛ ولهذا جعل فقهاء الحنابلة لهذه المسألة ضابطًا، فقالوا: إذا كان سبب الحق ظاهرًا فلصاحبه أن يأخذ من المحقوق، وإن لم يعرف، وإن كان غير ظاهر فليس له أن يأخذ.

إذا كان سبب الحق ظاهرًا فلصاحب الحق أن يأخذ من مال المحقوق، وإن لم يعلم، وإن كان غير ظاهر فليس له ذلك، مثاله هذه المسألة سببها ظاهر ولَّا لا؟ ظاهر وهو الزوجية معروف، الزوجية، أما إذا كان غير ظاهر كما لو أقرضتَ شخصًا دراهم، ثم جحدك وقدرت على أخذ شيء من ماله؛ فإنك لا تأخذ، لماذا؟ لأن سبب الحق غير ظاهِر، منْ يعلم أنك أقرضته؟ فليس بظاهر حتى ولو كان ببينة حتى؛ ولهذا لو فُتِح الباب هنا لحصل بين الناس شر كثير، وفوضى كثيرة، لكن هذا سبب مباح ما حد يقول: ليش؟

<<  <  ج: ص:  >  >>