الشيخ: أما ظاهر كلام المؤلف في قوله: (والأب ينفرد بنفقة ولده) فإنها تكون على الأب، أنتم فاهمون الصورة؟ الصورة هذا رجل فقير وله ابن غني وأب غني، فهل نلزم أباه بالنفقة كلها، أو نقول: إنها على الابن، أو نقول: إن على الأب السدس والباقي على الابن؛ لأنهما يرثان كذلك؟
طالب:( ... ).
الشيخ: أما المذهب فظاهر كلامهم في هذه الصورة أنه على الأب؛ لعموم قوله تعالى:{وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ}.
ولكن فيه قول آخر اختاره ابن عقيل من أصحابنا أن النفقة على الابن.
فيه قول ثالث احتمال للقاضي أبي يعلى أن على الأب السدس، والباقي على الابن.
ولكن ممكن أن نجيب على القول الأول الذين يقولون: إن الأب ينفرد به، ويستدلون بالآية أن نقول: إن الآية في الرضيع، والرضيع ما له ولد، والله تعالى يقول في الرضيع:{وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُن}[البقرة: ٢٣٣]، فالآية ليست شاملة، الآية حكم في صورة معينة، ما هي الصورة المعينة؟ أُمٌّ ترضع طفلًا لشخص، فعليه أن ينفق عليه، أما الصورة التي ذكرناها فلا تدخل في الآية.
والراجح في هذه المسألة أن يقال: إنها تجب على الابن فقط؛ وذلك لأن الابن مأمور بِبِرِّ أبيه أكثر من أمر الأب ببرِّ ابنه، وأيضًا يقول النبي عليه الصلاة والسلام:«إِنَّ أَطْيَبَ مَا أَكَلْتُمْ مِنْ كَسْبِكُمْ، وَإِنَّ أَوْلَادَكُمْ مِنْ كَسْبِكُمْ»(٤)، ويقول:«أَنْتَ وَمَالُكَ لِأَبِيكَ»(٥)، ويقول في فاطمة رضي الله عنها:«إِنَّهَا بَضْعَةٌ مِنِّي»(٦)، فالإنسان جزء من أبيه.
فالقول الراجح في هذه المسألة أن يقال: إن الإنفاق في هذه الصورة على من؟ على الابن.
فإن قلت: الآية تقول: {وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ}، لماذا لا تعلقها بحسب الإرث؟