إذن نقول: سواء كان متصلًا أو لا؟ فإن اختلاف الدين لا يمنع من وجوب النفقة إذا كان سببها الولاء.
مثاله: أعتق رجل عبدًا له، أعتقه ثم افتقر العبد، وكان العبد نصرانيًّا، فهل يجب على سيده أن ينفق عليه؟
نقول: على المذهب يجب. لماذا؟ قالوا: لأنه لا ينقطع التوارث باختلاف الدين في الولاء، فهذه المسألة إذن مبنية ويش هو عليه؟ على ما سبق من أن اختلاف الدين في الولاء لا يمنع من التوارث، وقد سبق أن هذا القول ضعيف جدًّا، وأن اختلاف الدين -حتى في الولاء- يمنع من التوارث. وقلنا: إن استدلالهم بعموم قول الرسول عليه الصلاة والسلام: «إِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ»(٧).
يمكن أن نقول أيضًا: وقد قال الله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ}[النساء: ١١]، وقال:{يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ}[النساء: ١٧٦] وما أشبه ذلك، فإذا استدلوا بعموم:«إِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ» استدللنا عليهم بعموم الميراث بالقرابة.
والصواب أن العمومين -لا في الولاء، ولا في القرابة- مخصوصان بقول الرسول عليه الصلاة والسلام:«لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ وَلَا الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ»(٨)، وإذا كانوا هم مقرين بأن الميراث بالولاء متأخر عن الميراث بالنسب، فلماذا يجعل أقوى منه في هذه المسألة؟ !
إذن هذا من التناقض أن نجعل الأدنى أقوى من الأعلى، فالصواب في هذه المسألة أنه مع اختلاف الدين لا نفقة لا بالولاء ولا بالقرابة، وأن اشتراط اتفاق الدين لا يستثنى منه شيء.
أما على المذهب فإننا نقول: يشترط اتفاق الدين إلا في الولاء، وحينئذٍ تكون الشروط الأربعة؛ اثنان منها لا استثناء فيهما، واثنان في كل منهما استثناء.