قلنا: لا مانع من أن يكون للإنفاق سببان، فإذا تخلف أحدهما بقي الآخر، لو كانت الزوجة في هذه الحال ناشزًا، هل لها نفقة بمقتضى الزوجية؟ لا، لكن بمقتضى الإرضاع لها نفقة، فحينئذٍ يمكن أن نقول: إن الإنفاق على الزوجة التي ترضع الولد له سببان، ولا مانع من ذلك.
ومن المعلوم أنك لو استقرأت أحوال الناس منذ عهد الرسول عليه الصلاة والسلام إلى اليوم ما وجدت امرأة من النساء تطالب زوجها بأجرة إرضاع الولد. وهذا هو القول الصحيح.
يقول:(ولا يمنع أمه إرضاعه)، قوله:(ولا يمنع) هل هي بالنصب أو بالرفع؟ يجوز الرفع على الاستئناف، ويجوز النصب عطفًا على قوله:(أن يسترضع)، وعلى هذا التقدير يكون المعنى: وعليه ألَّا يمنع أمه إرضاعه، وأيًّا كان فسواء كانت الواو استئنافية أو حرف عطف فإن الزوج لا يمنع الأم إرضاع الولد. لماذا؟ لأن لبن الأم أنفع للولد من لبن غيرها، ولأنها -أي: الأم- إذا أرضعت الطفل حنت عليه وألفها، وهو مأمور بأن يبرها هذا الطفل وأن يألفها، فإذا لم ترضعه لم يحصل ذلك.
وقوله:(ولا يمنع أمه إرضاعه) ينبغي ألَّا يكون على الإطلاق، بل إذا كان في الأم مرض يُخشى من تعديه إلى الولد، فإن له أن يمنع، بل في هذه الحال يجب عليه أن يمنعها؛ مثل أن يكون في ثدييها جروح لو رضع الطفل منهما لتأثر، فإنه في هذه الحال له أن يمنع، بل عليه أن يمنع، ومثل أن يطرأ فيها مرض معد -كالسل ونحوه- فإن له بل عليه أن يمنعها من إرضاعه.
(ولا يمنع أمه إرضاعه ولا يلزمها إلا لضرورة كخوف تلفه)(ولا يلزمها) أي: الأم إرضاع الولد إلا لضرورة؛ كخوف التلف.
طالب:( ... ).
الشيخ: لا، (ولا يلزمها) إرضاعه، (إلا لضرورة) يعني: لا يجب على الأم أن ترضع الولد إلا لضرورة، الضرورة مثل أيش؟ يقول المؤلف:(كخوف تلفه).