وظاهر كلام المؤلف أن الضرورة تنحصر بخوف التلف، وأما خوف الضرر فليس بضرورة، والصواب أن الضرورة لا تنحصر بخوف التلف، بل إما بخوف التلف أو بخوف الضرر.
مثال الأول خوف التلف: لو لم نجد مرضعة، أو وجدنا مرضعة ولكن الطفل لم يقبل ثديها، هذا أيضًا خوف تلف.
مثال خوف الضرر: أن نجد مرضعة ويقبلها الصبي، لكن لبنها قليل ما يكفي الولد؛ يعني: يمكن أن يعيش به لكنه لا يكفيه، هذا ضرر وليس خوف تلف، في هذه الحال يلزم الأم أن ترضعه.
وظاهر كلام المؤلف في قوله:(ولا يلزم أمه إرضاعه) أنه لا يلزمها، سواء كان في حجر أبيه أو بائنًا منه.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: بل إذا كانت في عصمة الزوج فيجب عليها أن ترضعه، وما قاله الشيخ فهو أصح؛ أنه إذا كانت في عصمته فإنه يلزمها أن ترضعه إلا إذا تراضت هي والوالد على أن يرضعه غيرها، فلا حرج.
أما إذا قال الزوج: لا يرضعه إلا أنت، فإنه يلزمها، حتى وإن وجدنا من يرضعه، أو وجدنا له لبنًا صناعيًّا يمكنه أن يتغذى به، وقال الزوج: لا بد أن ترضعيه فإنه يلزمها؛ لأن الزوج متكفل بالنفقة، والنفقة -كما قلنا قبل قليل- في مقابل الزوجية والرضاع.
لو قال الزوج: أنا أحب أن أرضع ابني من اللبن الصناعي؛ لأنه أبعد عن الأمراض وشبهها، وقالت: لا، أنا اللي برضعه، فهي المسألة الأولى لها الحق في ذلك ما يمنعها، وقد صار عند الناس موضة قبل سنوات عزفوا عن رضاع الأمهات، لكن -الحمد لله- الآن رجعوا وعرفوا أن المفيد هو لبن الأم ( ... ).
(ولها طلب أجرة المثل)(لها) الضمير يعود على من؟ على الأم، (طلب أجرة المثل ولو أرضعه غيرها مجانًا).
طالب:( ... )؟
الشيخ: لا، على الأم، (ولها) يعني: للأم، (طلب أجرة المثل)، أفادنا المؤلف رحمه الله بقوله:(ولها طلب أجرة المثل) أن لها أن تطلب أجرة المثل، سواء كانت مع الزوج أبي الولد أم لا، وسواء كان الولد ولدها أو ولد غيرها، لكنها إذا كان الولد لغيرها لم تكن أُمًّا.