للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي قوله عليه الصلاة والسلام: «وَلَا يُكَلِّفُهُ مِنَ الْعَمَلِ مَا لَا يُطِيقُ» فيه دليل على أنه يجوز أن يكلف من العمل ما يطيق، فلو أمره سيده أن يفعل شيئًا وقال: ما أفعل حتى تفعل أنت، قال له مثلًا: احرث هذا المكان، قال: ما أحرث، أنا ما أعرف إلا الخياطة، بأخيط أهلًا وسهلًا، أحرث لا، له أن يلزمه ولّا لا؟

له أن يلزمه، إذا قال له: خِطْ، وهو لا يعرف إلا الحراثة، يلزمه يخيط، لكن عاد المسؤولية على السيد، إن خاط خياطة سيئة فلا شيء عليه.

يقول المؤلف: (وإن اتفقَا على المخارجة جاز) المخارجة مأخوذة من الخراج، ويقال: الْخَرْج، وهو الرزق، {أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجًا فَخَرَاجُ رَبِّكَ خَيْرٌ} [المؤمنون: ٧٢]، والمخارجة هي أن يتفق السيد والرقيق على شيءٍ معلوم يدفعه الرقيق كل يوم، أو كل أسبوع، أو كل شهر لسيده، هذا جائز، ولكن بشرط أن يكون ذلك القدر من كسبه فأقل، فإذا كان هذا الرقيق يكسب في كل يوم عشرة ريالات في الغالب، واتفقَا على المخارجة بثمانية جاز؟

طالب: جاز نعم.

الشيخ: جاز، إذا كان من عادته أن يكتسب عشرةً، واتفقا على المخارجة باثني عشر.

طالب: ( ... ).

الشيخ: لا يجوز؛ لأنه أكثر مما يتحمل، ما يمكن يأتي بهذا، ولا بد أن تكون المخارَجة من كسبه فأقل، يقال: إنه كان للزبير ألف رقيق، وقد اتفق معهم على المخارجةِ (٢)، كل يوم يجيب واحد درهمًا، كم يجيب اليوم؟

طالب: ( ... ).

الشيخ: ألف درهم وهو على فراشه.

ما فائدة المخارجة؟ اختلف العلماء في فائدة المخارجة؛ فمنهم من قال: إن فائدتها أن الرقيق إذا حَصَّل القدْر الذي اتفق عليه فهو حُرّ في بقية وقته؛ إن شاء عمل، وإن شاء نام، وإن شاء ذهب مع إخوانه وزملائه، المهم أنه إذا حَصَّل هذا المقدار يكون حرًّا في بقية وقته.

لنفرض أنه اتفق السيد والرقيق على المخارجة، كل يوم عشرة ريالات، وصار هذا الرقيق يحصِّل عشرة ريالات من الصبح إلى الظهر، ويش يكسب؟

<<  <  ج: ص:  >  >>