للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال المؤلف رحمه الله: (ونحو ذلك) المشار إليه ما سبق، يعني: نحو هذه الصور، فإذن المسألة ليست محصورة، والواجب أن نرجع إلى الضابط، فنقول في العمد: هو أن يقصد من يعلمه آدميًّا معصومًا فيقتله بما يغلب على الظن موته به.

قال: (وشبه العمد أن يقصد جناية لا تقتُل غالبًا، ولم يجرحه بها) إذن شبه العمد يشترك مع العمد في القتل، لكنهما يختلفان في أن العمد تقتل الجناية فيه غالبًا، وشِبه العمد لا تقتل، لكن اشترط المؤلف قال: (ولم يجرحه بها)، لماذا قيده بهذا القيد؟ لأنه إن جرحه بها، ولو كانت لا تقتل غالبًا، صار عمدًا، وحينئذٍ قال: لا بد أن نقول: ولم يجرحه بها؛ لأنه إن جرحه وإن كان لا يقتل غالبًا صار عمدًا.

مثاله: يقول المؤلف: (كمن ضربه في غير مقتل بسوط، أو عصا صغيرة أو لكزه) لكن بشرط في غير مقتل. (ونحوه) ضربه في غير مقتل، مثل مع أي مكان؟

طالب: في طرف.

الشيخ: في طرف على رأسه مثلًا طرف، أو عصا صغيرة، ما نقول: هذا عمد، نقول: هذا شبه عمد، ودليله قصة المرأتين اللتين اقتتلتا من هذيل، فرمت إحداهما الأخرى بحجر فقتلتها وما في بطنها، فقضى النبي صلى الله عليه وسلم أن دية المرأة على عاقلة القاتلة، وقضى بدية الجنين بغرة عبد أو أمة (٦). هذا قال أهل العلم: إنه هو الأصل في إثبات شبه العمد؛ لأن الجناية متعمدة، لكن الآلة التي حصل بها القتل لا تقتل غالبًا.

وقول المؤلف رحمه الله: (أو لكزه) إذا لكزه في مقتل؟

طلبة: عمد.

الشيخ: عمد؟

طلبة: نعم.

طالب: لأنه يقتل غالبًا.

الشيخ: لأن موسى عليه الصلاة والسلام وكز من؟ القبطي {فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ} [القصص: ١٥]، موسى عليه الصلاة والسلام كان رجلًا شديدًا قويًّا، لما شاف الذي من شيعته الإسرائيلي يقاتله هذا القبطي، وكزه فقضى عليه، مات، ولهذا قال: {رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْسًا فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ} [القصص: ٣٣].

<<  <  ج: ص:  >  >>