للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويدل لما قاله شيخ الإسلام رحمه الله قوله تعالى: {فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} [الشورى: ٤٠]، وهل العافي عن المجرم الظالم المعتدي المعروف بالعدوان هل هو مصلح؟ لا؛ لأنه إذا عفا عنه اليوم يمكن يقتل واحدًا أو عشرة غدًا، فمثل هذا لا ينبغي أن يُعْفَى عنه، إن لم نقل بتحريم العفو فإننا لا نقول أبدًا بترجيحه.

ومن هنا نعرف خطأ بعض الناس الذين عندهم عاطفة أقوى من التعقل، والعاطفة إذا خلت من التعقل ( ... ) بالإنسان؛ لأن العاطفة عاصفة، فلهذا يجب على الإنسان أن يحكِّم العقل في أموره قبل العاطفة، وإلا عصفت به عاطفته حتى أودت به إلى الهلاك.

أقول: إن بعض الناس إذا حصل من إنسان حادثة عدوان أو ما أشبه ذلك على طول يعفو، وهذا غلط، يدفعون الدية ( ... ) ما فيه قصاص؛ لأنه الغالب أنه ما يتعمد، لكن يعفو عن الدية، وهذا خطأٌ عظيم.

أما إذا كان الميت عليه دين أو كان له ورثةٌ قصار فإن العفو حرام بلا شك. والعجب أن بعض الورثة على طول يعفو، ما يسأل: هو عليه دين ولَّا لا؟ والدين مقدم على حق؟

طالب: الورثة.

الشيخ: الورثة، كيف تعفو عن الدية، والدية للميت وعليه دين؟ !

أقول: فإذا كان على المدهوس -مثلًا- دين أو كان له ورثة من القصار فالعفو محرم في حق هؤلاء، وأما إذا لم يكن عليه دين وورثته كلهم راشدون فإنه يجب عليه أن يتعقل وننظر؛ هل هذا الرجل من المتهورين الذين لا يبالون، والذين يقال عنهم: إنهم يقولون: نحن لا نبالي، الدية في الدرج؛ يعني: درج السيارة، وقتل النفس عندهم أهون من قتل قطٍّ، فمثل هذا لا يقابل بالعفو، هذا ينبغي أن يقابل بالشدة؛ حتى يكون ردعًا له ولأمثاله من المتهورين.

إذن عفوه مجانًا أفضل في مسألة القصاص، قلنا: الصواب فيها ما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية؛ لأن القرآن يدل عليه، والمعنى كذلك يدل عليه والاعتبار.

(وعفوه مجانًا أفضل)، يقول: (فإن اختار) ..

طيب ما هو دليل المؤلف أن العفو أفضل؟

<<  <  ج: ص:  >  >>