لأنه من الشروط أن يكون القطع من مفصل، وهذا ليس من مفصل، إذا لم يكن من مفصل مانع لا نأمن أن يحيد عند القصاص، ربما يزيد أو ينقص، وقد يكون كسر ما هو مستقيم، داخل بعضه في بعض العظام، فلا يتمكن، بخلاف المفصل إطلاقًا، هذا ما ذهب إليه المؤلف.
ويحتمل أن نقول: يُقتص من المفصل الذي دونه، ويُؤخذ منه أرش الزائد، كما سيأتينا في الجراح على المذهب، في الجراح سيأتينا -إن شاء الله- أنه إذا جرحه جرحًا أكثر من الموضحة فله أن يقتص منه موضحة، وله أرش الزائد، لكن -إن شاء الله- سيأتينا فيما بعد.
لكن هنا نقول: اقتص مما يمكن الاقتصاص منه، وهو منين؟ من مفصل الكف، ويؤخذ منك أرش الزائد، والأرش هو ما يُسمى في باب الديات بالحكومة، وسيأتي -إن شاء الله تعالى- لها باب ( ... ) معين، هذا إذا لم يمكن القصاص من مكان القطع، فإن أمكن القصاص ( ... ) القطع، اقتص منه؛ لأن الله عز وجل يقول:{وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ}[المائدة: ٤٥]، وكلما أمكن القصاص وجب.
فإذا وُجد أطباء حذاق، وقالوا: نحن يمكن أن نطبق هذه الجناية بالشعرة، أو بما دونها، بحيث نقتص من الجاني ولا نزيد أبدًا، فما المانع من القصاص؟ ليس هناك مانع، بل لو قال المجني عليه: أنا أتنازل، هو قطع يدي من نصف الذراع، أنا أقطعها من ثلثي الذراع، وأتنازل عن الزائد، ويش المانع؟ هذا رجل تنازل عن بعض حقه ليقتص من هذا الظالم المعتدي.
فعندنا الآن ثلاثة احتمالات خلاف كلام المؤلف: إما أن يُقتص من المفصل الذي دون القطع ويأخذ أرش الزائد، وإما أن يُقتص من مكان الفصل إذا أمكن وهذا حقه، وإما أن يُقتص من دون محل القطع وفوق المفصل ويسقط المجني عليه الزائد، وهو حقه.
وإما أن نقول: إذا قطعت من نصف الكف قطعنا كفك، وإذا تجاوزت قليلًا أبقينا كفك، فهذا شيء بعيد.
فالصواب إذن أن نقول: إن أمكن القصاص تمامًا بدون حيف وجب، وإن لم يمكن فلنا طريقان: ما هما؟