إذن ما فيه قصاص في الجروح إلا في ثلاثة مواضع؛ الموضع الأول: الموضحة، والثاني: السن، والثالث: ما كان أعظم من الموضحة، فيقتص موضحة، ما يقتص أعظم، يقتص موضحة، وله أرش الزائد. هذا ما ذهب إليه المؤلف.
والصحيح أنه يقتص من كل جرح؛ لعموم قول الله تعالى:{وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ}، وفيها قراءتان:{الْجُرُوحُ قِصَاصٌ}{وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ}، فهذه الآية عامة، فمتى أمكن القصاص من جرح وجب إجراء القصاص فيه، ولنا في كلام ربنا، وعلى هذا -فكما قال الأخ- إذا قال الأطباء: نحن الآن نقتص بالسنتي أو بالشعر بدون حيف، نقتص منه ولَّا لا؟
طلبة: نعم.
الشيخ: نقتص منه، فلو أن رجلًا شق بطن رجل ( ... ) نقتص منه ولَّا لا؟
طلبة: نعم.
الشيخ: المذهب لا يُقْتَص منه، والصحيح أنه يُقْتَص منه، والله أعلم.
قال المؤلف رحمه الله عز وجل:(وإذا قطع جماعة طرفًا) قلنا: إن الطرف معناه أيش؟ العضو.
(أو جرحوا جرحًا يوجب القود فعليهم القود) إذا قطعوا طرفًا كيف ذلك؟ يأتون بسكين ويتحاملون عليها جميعًا حتى ينقطع العضو، هؤلاء اشتركوا.
الدليل عموم قول الله تعالى:{وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ}[المائدة: ٤٥]، وقياسًا على ما إذا اشتركوا في قتله، فإنه إذا وجب القصاص عليهم جميعًا فيما إذا اشتركوا في القتل، فلأن يجب القصاص عليهم جميعًا فيما إذا اشتركوا في قطع عضو من باب أولى؛ لأن النفس أعظم حرمة، والقصاص في الأطراف مبني على القصاص في النفوس.