كذلك لو جرحوا جرحًا يوجب القود، والجرح الذي يوجب القود على المذهب كلُّ جرح ينتهي إلى عظم، فإذا جرحوا جرحًا يوجب القود فعليهم القود، إذا كانوا عشرة كم لكل واحد من رأس؟ لكل واحد رأس الواحد، والجميع عشرة، فالآن نبغي سنجرح عشرة رؤوس برأس واحد، نقول: كما أننا نقتل عشرة أنفس بنفس واحدة، قال عمر رضي الله عنه: لو تمالأ عليه أهل صنعاء لقتلتهم به لو اتفقوا عليه (٢).
وقول المؤلف:(إذا قطع جماعة طرفًا أو جرحوا جرحًا فعليهم القود) لم يذكر حكم ما إذا تمالؤوا عليه، والصحيح أنهم إذا تمالؤوا عليه فكما لو تشاركوا فيه، (تمالؤوا عليه) معناه اتفقوا عليه؛ قالوا: إحنا نبغي نقطع فلانًا؛ نقطع يده، طيب لا بأس، أنت ( ... ) هذا، والثاني ( ... ) هذا؛ لأجل إذا أقبل أحد تنذروننا، واتفقوا على ذلك، فهم قد تشاركوا في الإثم، ولولا أن هؤلاء حرسوا ما تجرأ هؤلاء على القطع، وهؤلاء يعلمون أنهم سيقطعون هذا الرجل، فإذا تمالؤوا عليه فقد تشاركوا فيه، وعمر رضي الله عنه يقول: لو تمالأ عليه أهل صنعاء لقتلتهم به، فنحن نقول: إذا قطعوا طرفًا، أو جرحوا جرحًا، سواء كان ذلك بالمشاركة الفعلية، أو كان بالممالأة والمواطأة على ذلك؛ فعليهم القود، فإن اختار المجني عليه الدية فعليهم دية واحدة لذلك الطرف أو لذلك الجرح.
ثم ذكر المؤلف قاعدتين مهمتين؛ وهما: قاعدة سراية الجناية، وسراية القود.