للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سراية الجناية يقول المؤلف: (سراية الجناية مضمونة في النفس فما دونها) (سراية الجناية) (سراية) مضاف، و (الجناية) مضاف إليه، وهي من باب إضافة الشيء إلى سببه؛ يعني: السراية التي سببها الجناية مضمونة، والسراية -كما تعرفون- معناها: أن ينتقل الشيء من مكان إلى آخر، فيسري الجرح من المكان الأول إلى مكان آخر يتسع، وكذلك الأعضاء تتسع، قطع أصبعًا فتآكلت الكف كلها، هذه سراية، قطع أنملة فتآكل الأصبع كله، هذه أيضًا سراية، جرح موضحة بقدر الظفر فاتسعت حتى كانت بقدر الكف، هذه أيضًا سراية.

يقول المؤلف: إذا كانت السراية من جناية فإنها مضمونةٌ في النفس فما دونها، في النفس مثل لو قطع أصبع إنسان، فنزف الدم حتى مات، قطعه عمدًا، السراية مضمونة في النفس، وعلى هذا فإننا نقتل من؟ هذا القاتل الجاني، فإذا قال: أنا لم أقطع إلا الأصبع، نقول: لكن هذه الجناية سرت إلى النفس، فأنت السبب، ربما أنك لم تقصد أن يموت هذا الرجل، لكنه مات بسببك، فتكون ضامنًا.

وهذا الضابط مبني على قاعدة معروفة لأهل العلم؛ وهي ما ترتب على غير المأذون فهو مضمون، كل شيء يترتب على شيء لم يؤذن فيه لا شرعًا ولا عرفًا فإنه يكون مضمونًا على صاحبه، ولها أمثلة كثيرة، فنقول: هذه الجناية لما سرت إلى النفس أو الكف فإنها تتضمن.

ويستثنى من سراية الجناية ما سيأتي؛ وهو ما إذا اقتص المجني عليه قبل البرء، فإذا اقتص قبل البرء فإنها لا تضمن.

مثاله: قطع أصبع رجل عمدًا، فطلب المقطوع أصبعه أن تقطع أصبع الجاني وأصر وألحَّ، فإنها إذا قطعت في هذه الحال ثم سرت الجناية فإنها تكون هدرًا، كما ستأتي المسألة قريبًا -إن شاء الله- في دليلها وتعليلها.

طيب إذن يستثنى منه شيء؟ هذا الضابط يستثنى منه شيء؛ وهو ما إذا اقتص المجني عليه قبل البرء.

<<  <  ج: ص:  >  >>