هذا الفصل في الواقع ينبني على قاعدة مرت علينا؛ وهي ما ترتب على المأذون فليس بمضمون، وما ترتب على غير المأذون فهو مضمون، هذه القاعدة من أحسن قواعد الفقه، هذا الفصل مبني عليها ولننظر الآن.
قال المؤلف:(وإذا أدب الرجلُ ولدَه) هذه الجملة نفهم منها أربعة شروط:
أولًا: قال: (إذا أدَّب) والتأديب بمعنى التقويم والتهذيب، أدبته؛ أي: قَوَّمت أخلاقه وهذبتها، فكلمة (أدَّب) يؤخذ منها ثلاثة شروط:
أولًا: أن يكون هذا الولد مستحقًّا للتأديب؛ يعني: فعل ما يستحق التأديب عليه، أما لو ضربه بدون سبب فإنه ضامن، لكن إذا فعل ما يستحق التأديب عليه فإنه يُؤَدَّب.
الشرط الثاني: أن يكون هذا الولد قابلًا للتأديب، فإن كان غير قابل، وهو الذي لم يميز، أو لا عقل له؛ مجنون، هذا ما ينفع فيه التأديب، تأديبه عدوان، فلا بد أن يكون المؤدَّب قابلًا للتأديب. هذان شرطان.
الشرط الثالث: أن يقصد التأديب لا الانتقام لنفسه؛ يعني: وضربه ما قصده الانتقام لنفسه، وإنما قصده التأديب، فإن قصد الانتقام لنفسه لم يكن مؤدِّبًا بل منتصرًا، وحينئذٍ يضمن ما ترتب على فعله؛ لأنه غير مؤدِّب، كثير من الناس يضرب ولده ضربًا شديدًا، لا لأنه ترك خلقًا فاضلًا أمره به، ولكن لأنه عانده وخالفه، فيضربه انتقامًا لنفسه وغضبًا. وهذا شرط ثالث.
كلها مأخوذة من كلمة (أدَّبه)، الشروط الآن كم صارت؟ ثلاثة. الأول؟
طالب: أن يكون مستحقًّا للتأديب.
الشيخ: أن يكون مستحقًّا للتأديب؛ بأن يفعل ما يستحق التأديب عليه، أن يكون قابلًا للتأديب؛ بأن يكون مميزًا عاقلًا، فإن كان غير مميز ولا عاقل فإنه أيش؟
طلبة: يضمنه.
الشيخ: يضمنه؛ يضمن ما ترتب على فعله.
الثالث أن يقصد؟
طلبة: التأديب.
الشيخ: التأديب لا الانتقام لنفسه؛ لأنه إذا قصد الانتقام لنفسه صار منتصرًا لا مؤدِّبًا، فلا بد أن يقصد تأديب الولد. وبهذا نعرف ثلاثة شروط.