للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأظن هذا أمر واضح أن الإنسان مثلًا يقول لولد جيرانه: خذ يا بني جيب لي من البقال كذا، جيب لي من الدكان كذا، ولا يرى الناس أن هذا عدوان، وما جرت العادة بمثله مما يأذن به الناس فلا بأس به؛ ولهذا لو أمر غير مكلَّف بإذن وليه فعليه الضمان ولَّا لا؟ فلا ضمان عليه؛ لأنه غير معتد بذلك فلا يضمن.

قال المؤلف: (ولو أن الآمر سلطان) هذه إشارة خلاف، فإن بعض أهل العلم يقول: إذا كان الذي أمره أن ينزل البئر، أو يصعد الشجرة سلطان وهلك فعلى السلطان الضمان؛ ليش؟ لأن أمر السلطان لا يسع الإنسان مخالفته ولَّا لا؟ لا سيما إذا كان السلطان من الظَّلَمة الذين إذا خُولِفوا حبسوا، أو ضربوا، أو ما أشبه ذلك، أما إذا كان السلطان من السلاطين العادلين الذين إذا قلت لهم: والله ما أقدر، ولا أنا بصاعد الشجرة ولا شيء، فإن هذا لا وجْه لتضمين السلطان؛ لإمكان هذا المأمور أن يقول: لا أستطيع.

والصحيح في مسألة السلطان أنه إذا كان السلطان ممن يُخشى شره بحيث إذا أبيت حَبَسَك، أو ضربك، أو غرمك مالًا، أو آذاك في أهلك، فإن أمره مثل الإكراه، وعلى هذا يكون ضامنًا ولَّا لا؟ يكون ضامنًا. وأما إذا كان السلطان من ذوي العدل والرحمة الذين إذا قلت: لا أستطيع، قال: إذن نطلب غيرك، فإنه لا ضمان عليه في هذه الحال؛ لأنه كسائر الناس، لم يكرهك.

لو كان الآمر هو الضابط في الجيش، أو في الشرطة، قال لأحد الجنود: يلَّا اصعد العمود، هذا عمود الكهرباء ركب اللمبة فقال: ما أقدر أصعد يا رجال، بس ما أكرهه، ما ضربه ولا هدده، وصعد وهلك، يضمن؟

طلبة: يضمن.

الشيخ: يضمن؛ لأن أوامر الجنود حسب ما نسمع أوامر الجنود عندهم واجبة الطاعة.

طالب: بس ما أكرهه.

الشيخ: إي، بس لو يأبى عليه آذاه إما حبسه ولا وقفه أمام الجنود، ولا يمكن يعزله، ولا ينزله رُتبة، فالمهم أنه ربما يكون هذا مثل الإكراه.

<<  <  ج: ص:  >  >>