وقال بعض فقهائنا الحنابلة: إنه لا تقدير إلا فيما ورد به الأثر: الضلع، والترقوة، والزند، والباقي حكومة.
وذهب أكثر أهل العلم على أن الجميع فيها حكومة، وحملوا ما ورد عن عمر في ذلك بأنه من باب التقويم، وإذا كان من باب التقويم صار حكومة، وقالوا: إن الحكومة أقرب إلى العدل، ما دامت المسألة ليس فيها نص من الشارع يجب العمل به، فإن الحكومة أقرب إلى العدل، فإنه ليس كسر الزند الواحد ككسر الذراع، والزند الواحد فيه بعيران، والزندان فيهما أربعة أبعرة، فإذا كان الفرعان فيهما أربعة أبعرة، فكيف لا يكون الأصل وهو الذراع فيه أربعة أبعرة؟ ! أو العضد أيضًا؟ !
ولهذا القول بالحكومة في هذه الأعضاء أقرب إلى العدل، وحمل ما ورد عن أمير المؤمنين رضي الله عنه على أنه من باب التقويم له وجه، ربما يكون في ذلك الوقت عمر رضي الله عنه رأى أن الحكومة تساوي بعيرين، فقال: فيه بعيران.
ثم على فرض أنه ليس تقويمًا، وأنه توقيف؛ لأن فعل هذا من عمر رضي الله عنه يدل على أن له أصلًا في السنة، فإنه يُقتصر على ما ورد به النص، ويبقى الباقي على أنه حكومة، أما أن نقول: إن كسر الفخذ ككسر واحد من الزندين، ما فيه إلا بعيران، فالمسألة فيها نظر ظاهر.
فالراجح عندي في هذه المسألة أن نقول: إن فيها حكومة في الجميع، ويُحمل ما ورد عن عمر على أنه من باب التقويم، وما دام أن الأمر فيه احتمال أن يكون هذا من عمر على سبيل التوقيف، أو على سبيل التقويم، فالأصل عدم الإلزام بهذا التقدير حتى يثبت أنه تشريع، وليس تقويمًا، ثم إذا تنازلنا، نقول: نجري ما جاء به النص عن أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه على ما جاء عليه، والباقي يكون حكومة.