للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال بعض العلماء: إنه لا كفارة في العمد. واستدلوا بأن الله تعالى شرط لوجوب الكفارة أن يكون خطأ؛ {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً}، ثم أتى بعد ذلك بعد الآية هذه بقوله: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ}، فلم يجعل له شيئًا يقيه من النار.

وقالوا أيضًا: إن العمد أعظم جرمًا من أن تدخله الكفارة، ولا فيه إلا -والعياذ بالله- هذا الوعيد الشديد، وهذا القول أصح.

[باب القسامة]

انتهى الكلام على كفارة القتل، ونبدأ الآن في القسامة.

القسامة مأخوذة من القسم؛ وهو اليمين. تعريفها قال (وهي أيمان مكررة في دعوى قتل معصوم) وصفتها أن يدعي قومٌ أن مورثهم قتله فلان، ويحلفون على أنه هو القاتل، ويكررون الأيمان، فإذا فعلوا ذلك وتمت شروط القسامة أُعْطِي المدعى عليه لهؤلاء ليقتلونه، فالمسألة ما فيها بينة، ما فيها إلا هذه الأيمان.

وقد أجراها النبي عليه الصلاة والسلام أو حَكَم بها النبي صلى الله عليه وسلم، وكانت القسامة معروفة في الجاهلية، فأبقاها النبي صلى الله عليه وسلم على الحكم على ما هي عليه مع تغيير في شروطها، ويظهر طريقها في مثال:

ادعى ورثة زيد على شخص بأنه هو الذي قتل مورثهم، فقال الشخص: أبدًا ما قتلت، قالوا: بل أنت القاتل، ثم تحاكموا إلى القاضي فقال القاضي لهم: تحلفون على هذا أنه هو الذي قتل مورثكم؟ قالوا: نعم، نحلف، ما عندنا بينة، كم يحلفون؟ يحلفون خمسين يمينًا، فإذا حلفوا خمسين يمينًا على هذا الرجل أنه قاتل مورثهم أُخِذ وقُتِل.

والقسامة في الحقيقة فيها مخالفة لغيرها من الدعاوي من وجوه ثلاثة:

الوجه الأول: تكرار الأيمان فيها.

والوجه الثاني: قبول قول المدعي فيها.

والوجه الثالث: حلف المدعي على شيء لم يره.

ومع ذلك فإنها حكم شرعي، لا حظوا وجه المخالفة:

<<  <  ج: ص:  >  >>