للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

نقول: نعم، لها أصل في الشرع، وأصل ذلك أن عبد الله بن سهل بن زيد الأنصاري خرج هو ومحيصة ابن مسعود بن زيد الأنصاري؛ أبناء عمٍّ خرجوا في جماعة إلى خيبر بعد أن فُتِحَت يمتارون التمر؛ يشترون من اليهود تمرًا فتفرقوا، كلٌّ ذهب إلى حائط ونخل، فوجد محيصة عبد الله بن سهل رضي الله عنه يتشحط في دمه قتيلًا؛ يتمرغ مقتولًا، يتمرغ للموت فقال لليهود: قتلتم صاحبنا، فقالوا: ما قتلناه، فرُفع الأمر إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فتقدم إلى النبي صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن بن سهل أخو عبد الله المقتول وحويصة ومحيصة فأراد عبد الله أن يتكلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «كَبِّرُ»، أو قال: «الْكُبْرَ»، فتكلم حُوَيِّصَة ومُحَيِّصَة، فقال النبي عليه الصلاة والسلام: «تَحْلِفُونَ خَمْسِينَ يَمِينًا وَتَسْتَحِقُّونَ دَمَ صَاحِبِكُمْ» (١٠)، في رواية: «تَحْلِفُونَ عَلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنَّهُ قَتَلَهُ» (١١)، فقالوا: يا رسول الله، كيف نحلف ونحن لم نر ولم نشهد؟ فأخبرهم أن اليهود يحلفون خمسين يمينًا، فقالوا: لا نرضى بأيمان اليهود، فوداه النبي صلى الله عليه وسلم من عنده.

وهذا دليل على أنهم لو حلفوا لملكوا قتله، هذا هو أصلها. وقد كانت القسامة معروفة في الجاهلية، فأقرها النبي صلى الله عليه وسلم على ما كانت عليه في الجاهلية.

وهذا دليل على أن المعاملات التي عند الكفار إذا كانت موافقة للشرع فإنه يؤخذ بها، لا يقال: واللهِ هذا عمل كفار ما يمكن نأخذ به، إذا أقره الشرع يؤخذ به، كما أن المضاربة كانت معروفة في الجاهلية وأقرها الإسلام؛ المضاربة ( ... ) نوع من المشاركة يدفع رجل دراهم ويعمل بها آخر على جزء للعامل من الربح حسب ما يتفقان عليه؛ فمن أحدهما المال، ومن أحدهما العمل. هذا هو أصل القسامة.

<<  <  ج: ص:  >  >>