للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أقول: الحدود في القرآن تأتي بمعنى الواجبات، وبمعنى المحرمات، في المحرمات يقول: {لَا تَقْرَبُوهَا} [البقرة: ١٨٧]، وفي الواجبات: {لَا تَعْتَدُوهَا} [البقرة: ٢٢٩]، لما ذكر الله ما يَحْرُم على الصائم قال: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا}، ولما ذكر ما يجب في المطلقات قال: {فَلَا تَعْتَدُوهَا}.

ويُطْلَق الحد على المراسيم التي تفصل بين الجارين، فيقال: هذه حدود الأرض كذا، وهذا واضح كثير.

ويُطلَق الحدُّ على ما يحصل به التعريف، وهذا الموجود عند المناطقة، وعرَّفوه بأن الحد: هو الوصف المحيط بموصوفه المُمَيِّز له عن غيره، هذا الحد.

قال السفاريني:

فَالْحَدُّ وَهْوَ أَصْلُ كُلِّ عِلْمِ

وَصْفٌ مُحِيطٌ كَاشِفٌ فَافْتَهِمِ

(وَصْفٌ مُحِيطٌ) يعني: بموصوفه، (كَاشِفٌ) يعني: مميز له عن غيره.

هذا الحد عند مَنْ؟ عند أهل المنطق؛ الوصف المحيط بموصوفه المُمَيِّز له عن غيره، فلا بد أن يكون جامعًا مانعًا.

مثال ذلك: لو قلت: ما هي الطهارة؟ فقلت: الطهارة هي استعمال الماء في الأعضاء الأربعة ( ... )، هذا محيط بموصوفه ولَّا لا؟

لا يحيط بالموصوف؛ لأنه باقٍ عندنا الغسل والتيمم، فهو غير محيط بموصوفه فليس بحدٍّ.

ولو قلت: إن الطهارة هي أن يطهِّر الإنسان ثوبه، ويغسل وجهه بعد النوم، وما أشبه ذلك صار غير صحيح أيضًا؛ لأنه هنا دَخَّل غير المحدود، فلا بد أن يكون الحدُّ جامعًا مانعًا، فإن لم يكن جامعًا مانعًا فهو ( ... ) لو قلنا في تعريف حد الواجب ما هو؟ الواجب ما أُمِر به.

طلبة: ( ... )

الشيخ: لا، هذا غير مانع؛ السبب لأنه يدخل فيه غيره، ولَّا لا؟ يدخل فيه المستحب، فهنا ما مَيَّزه عن غيره.

ولو قلت: إن الواجب ما صدَّره الله تعالى بقوله: يجب عليك، لكان غير صحيح؛ ليش؟ لأنه ما أحاط بالموصوف؛ لأن الواجب يجب ولو بغير هذه الصيغة.

<<  <  ج: ص:  >  >>