للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولكن كيف نعلم أنه جاهل، أو عالم بالتحريم؟ لأننا إذا قلنا: يشترط أن يكون عالمًا بالتحريم صار كل واحد من الناس يقول: إنه ليس عالمًا بالتحريم، ما دريت والله أن السرقة حرام، ما دريت أن الزنا حرام، ماذا نعمل؟ يُنْظَر، إن كان قد عاش في بلاد الإسلام، فإن دعواه الجهل بالأمور الظاهرة لا يُقْبَل، ولا يُسْمَع منه، أما إذا كان حديث عهد بالإسلام، أو كان ناشئًا في بادية بعيدة، ما يدري عن أحوال المسلمين فإننا نقبل منه دعوى الجهل، فإذا كان مثله يجهله قبلنا دعواه الجهل، ورفعنا عنه الحد، فإن شككنا في هذا الأمر، إن شككنا هل هو ممن يجهل مثل ذلك، أو لا؟ فالأصل عدم أيش؟

طلبة: عدم العلم

الشيخ: عدم العلم، فلا نقيم عليه الحد؛ لأنه لا بد أن يتحقق الشرط، وهو أن يكون عالمًا بالتحريم.

وهل يشترط أن يكون عالمًا بالعقوبة؟

لا يُشتَرط، لو قال: هذا الرجل المحصن الذي زنى قال: إنه لو علم أن حده الرجم ما زنى أبدًا، لكن ( ... ) الجلد، وهو يصبر على الجلد نرجمه ولا ما نرجمه؟

طلبة: نرجمه.

طلبة آخرون: لا.

الشيخ: نرجمه؛ لأنه لا يشترط العلم بالعقوبة، إذا كان عالمًا بالتحريم فمعنى ذلك أنه رضي بأن يَنْتَهِك حرمات الله، والله عز وجل قد أوجب العقوبة على هذا الفاعل لهذه المعصية، ولا عذر له الآن.

ثم قال المؤلف: (فيقيمه الإمام) يعني: فإذا ثبت الحد، فمنِ المخاطب في إقامته؟ وهل لكل إنسان أن يقيمه؟ لا، قال: (فيقيمه الإمام أو نائبه)، وعُلِمَ من قول المؤلف: (فيقيمه) أنه لا بد من النية، فلو غضب الإمام على شخص في مسألة غير الفاحشة فجلده مئة جلدة، سمع أنه يسب الإمام، قال: هذا الرجل الذي يسبني، يلَّا اجلدوه مئة جلدة، فجلدوه مئة جلدة، فلما انتهوا منه، قال لهم: إنه قد زنا، وتكون الجلدات هذه عن زناه، ينفع؟ لا؛ لأنه لا بد من نية، ولهذا قال: (فيقيمه)، والإقامة لا بد أن يكون لها نية، أو من الآداب أن ينوي الإمام بإقامة الحد أمورًا ثلاثة:

<<  <  ج: ص:  >  >>