هل الحد واجب تنفيذه أم لا؟ يقول المؤلف:(لا يجب الحد إلا على بالغ) وليت المؤلف قال: يجب الحد على كل بالغ، لأن الإيجاب أحسن من النفي، لأن قول: لا يجب الحد إلا على كذا، كأن الأصل عدم وجوب الحد، لكن لو قال: يجب الحد على كل بالغ عاقل ملتزم عالم بالتحريم، صار أصلًا؛ لأن الحد إقامته واجبة بالكتاب وبالسنة وبالإجماع؛ قال الله تعالى:{وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا}[المائدة: ٣٨] والأمر للوجوب: {نَكَالًا مِنَ اللَّهِ} حتى لا يجترئ أحد على السرقة بعد ذلك {وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} ختمها بالعزة؛ حتى يكون له السلطان عز وجل، {حَكِيمٌ}، حتى لا يقال: إن هذا سفه ليش تقطع يده علشان ربع دينار، تقطع يد علشان ربع دينار، ولو قطعها جانٍ لكان خمس مئة دينار، يسلِّم خمس مئة دينار أو لا؟ إذا سرقت قُطعت في ربع دينار، وإن قطعت في الجناية سَلَّم خمس مئة دينار؛ حماية للأموال في قطعها بربع دينار وحماية للنفوس في وجوب خمس مئة دينار في قطعها.
الحد واجب، وقال تعالى:{الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ}[النور: ٢] إياك أن تقول: ارحم هذا، تجلده مئة جلدة، شيخ كبير تجلده مئة جلدة، تراه ما تزوج، والآن تزوج الحجارة، لكنه ما تزوج وشيخ كبير تجلده مئة جلدة؟ ارحمه يا ابن الحلال، أقول: ما أرحمه؛ لأن مَن هو أرحم مني أَمر بجلده ونهاني أن أرأف به:{وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ}.
اجلدوه في بيته، أخفى في البيت، ما يطَّلع أحد، ولَّا بالمركز ما يطلع أحد، قال: لا؛ {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} طائفة، والذي شرَّع هذه الحدود؟