للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التعليل لأنه ليس أهلًا للعقوبة لعدم صحة القصد التام منه؛ لأنه ناقص، ناقص في التصور وناقص في التصرف، ولهذا منع الله من إتيانهم أموالهم بأنفسهم حتى لا يضيعوها ولكن لا يعني ذلك أن الصغير لا يُعَزَّر، بل يعزر والتعزير غير الحد؛ ولهذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «مُرُوا أَبْنَاءَكُمْ بِالصَّلَاةِ لِسَبْعٍ وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا لِعَشْرٍ» (١) فأمر بضربهم قبل البلوغ، فالتعزير شيء وإقامة الحد شيء آخر.

وعلى هذا فلو أن صغيرًا فعل الفاحشة ما نقول هذا: لا يجب عليه الحد، اتركوه، بل لا بد أن يُعزَّر بما يردعه وأمثاله عن هذه الفعلة.

وكذلك أيضًا لو سرق ما يُتْرَك، بل لو أفسد شيئًا دون ذلك فإنه لا يُترَك بدون تعزير، فالتعزير شيء والحد شيء آخر.

(عاقل) ضده المجنون، فالمجنون لا يجب عليه الحدُّ لحديث: «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ» (٣)، ولأنه ليس له قصد تام يُعْرَف به ما ينفعه ويضره فيقدم أو يحجم، وهل يعزر؟

الطلبة: لا.

الشيخ: ليش؟

الطلبة: لا ينتفع.

الشيخ: لأنه لو عزر ما انتفع، إذن نتركه يُفسِد أموال الناس يحرق الدكاكين يكسر البطيخ، ولَّا ماذا نصنع؟

طالب: يُحْجَر عليه.

الشيخ: نعم، لا بد أن يُمنَع ولو بالحبس إما عند وليه وإما في الحبس العام.

فالمهم أنه لا يترك، والفساد لأن الله عز وجل يقول: {وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ} [المائدة: ٦٤] {وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ} [البقرة: ٢٠٥]، فالذي لا يحبه الله لا يجوز لنا أن نمكن منه أبدًا، كل فساد للدين أو الدنيا فإنه يجب على ولاة الأمور ومَنْ قدر من غير ولاة الأمور أن يمنع منه، لأن الله لا يحبه فإذا كان لا يحبه الله كيف نمكن منه.

إذن المجنون لا يُقام عليه الحدُّ ولا يُعزَّر، ولَّا نقول: يُعَزَّر بما يَكُفُّ شَرَّه؟

الطلبة: نعم.

<<  <  ج: ص:  >  >>