لأنه إذا كان في مكان واحد اختص الألم بهذا المكان وبقيت بقية المواضع غير متألمة.
وثانيًا: أنه إذا كان الضرب على موضع واحد تألم هذا المكان شديدًا، وربما يفسد الدم فيه، وربما يتجرح في المستقبل؛ فلهذا نقول: فرِّق الضرب على الظهر، على الأكتاف، على الأفخاذ، على الساقين، على القدمين، حسب ما يوافق، وأما أن نكون على موضع واحد فإن هذا خلاف الآداب في إقامة الحد، لكن فيه مواضع لا يجوز أن يقام فيه الحد.
قال:(ويُتَّقى الرأسُ والوجهُ والفرجُ والمقاتل) أربعة أشياء.
(يُتقى) بمعنى يجتنب الوجه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ضرب الوجه (١٣)، ونهى عن تقبيح الوجه (١٤) لأن الله تعالى خلق آدم على صورته، وإذا كان الله خلقه على صورته التي اعتنى بها وأتمها وأحسنها، فإن ضربها يوجب أن تنخدش، وأن تتغير مع أن الله تعالى جعل أجمل ما في الإنسان وجهه، ولهذا خلقه على الصورة التي اختارها وأرادها من بين سائر الجسد فلا تُقَبَّح، فلا يقال: قبَّح الله وجهك، كيف تقول: قبَّح الله وجهه وهو أضافه إليه؟ على صورته التي اعتنى بها عز وجل وخلقها خلقًا جميلًا، فلهذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الضرب على الوجه (١٣).
يُتَّقى أيضًا الرأس؛ كيف الرأس؟ يعني: ما يضرب الرأس في الجلد؛ لماذا؟ لأن الرأس ألمه شديد حيث إنه ليس عليه لحم يقي الضرب، وحينئذٍ يصل الضرب إلى العظم فيتألم وربما يتأخر برؤه؛ فلهذا لا يضرب عليه.
ويتقى أيضًا الفرج؛ القبل أو الدبر، القبل يعني: ذَكَر الرجل وفرج المرأة؛ لأن ذلك يضر به، وربما يقتل الرجل، إذا وقع الضرب على الخصيتين فقد يموت الإنسان فيجب أن يتقى الفرج.