يقول المؤلف:(وإذا زنى الحُرُّ غير المحصن جُلِد مئة جلدة وغُرِّب عامًا ولو امرأة).
(إذا زنى الحر غير محصن) بأن يكون حُرًّا لم يتزوج، أو تزوج ولم يجامِع، أو جامَعَ في نكاح فاسد أو باطل، أو جامع وهو صغير، أو جامع وهو مجنون، فإن حدَّه أن يجلد مئة جلدة، الدليل؛ قوله تعالى:{الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ}[النور: ٢].
وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في ابن الرجل الذي زنى بامرأة من استأجره أنه قال له:«وَعَلَى ابْنِكَ جَلْدُ مِئَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ»(٤)، ثبت ذلك في الصحيحين، وثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم جَلَدَ وغَرَّبَ، وأن أبا بكر جَلَدَ وغَرَّبَ، وأن عمر جَلَدَ وغَرَّبَ (٦)، وهذا القول هو الصحيح؛ أنه يُجمع بين الجلد والتغريب.
وقال بعض العلماء: إنه لا يغرب؛ لأن التغريب لم يوجد في القرآن، وقد قال الله تعالى:{الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ}[النور: ٢] ويش بعده؟ {إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}[النور: ٢]، ولم يذكر التغريب، ولكن هذا القول ضعيف؛ لأن ما ثبت بالسُّنة وجب العمل به، كما يجب العمل بما في القرآن؛ لقول الله تعالى:{مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ}[النساء: ٨٠]، ولقوله:{وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا}[الأحزاب: ٣٦]، ولقوله:{وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}[الحشر: ٧]، فيجب أن نأخذ بما جاءت به السنة وإن كان زائدًا عما في القرآن.