للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأن المرأة الرقيقة قد تزني لكون سيدها يستأجرها -والعياذ بالله- في البغاء، وتعتاد ذلك، فيهون عليها الأمر؛ لأن الله نص على أن ذلك واقع من الأسياد بالنسبة للإماء، فقال: {وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [النور: ٣٣]، فإذا كانت المرأة بهذه الحال فإن العبد ليس هكذا، فالقياس غير صحيح؛ ولهذا ذهب بعض أهل العلم إلى أن حد الزاني الرقيق إذا كان ذكرًا حده كحد الحر؛ لعموم الآية: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} [النور: ٢]، فالمسألة فيها خلاف الآن؛ الأمة لا إشكال في أن عليها خمسين جلدة؛ لأن النص فيها واضح، ولكن الإشكال في العبد فإن تخصيص العموم في سورة النور بالقياس الذي ليس بواضح لظهور الفرْق بين الأمة وبين العبد.

أقول: إن تخصيص هذا العموم بهذا القياس الذي ليس بواضح قد يجعل في النفس شيئًا من هذا، وأنا إلى الآن ما تبين لي أي القولين أصح، لكن جمهور أهل العلم على أن الجلْد بالنسبة للرقيق مُنصَّف مطلقًا.

قال: (ولا يُغرَّب) لماذا لا يُغرَّب؟ قالوا: لأن التغريب فيه إضرار بالسيد، والسيد لا جناية منه؛ ولأننا إذا غرَّبناه ربما يهرب، ويكون في ذلك إضرار أكثر، فنحن إذا غرَّبناه منعنا سيده من الانتفاع به مُدَّة التغريب، وكذلك ربما يهرب، هذا هو تعليلهم في هذه المسألة.

واختار كثير من أصحابنا -رحمهم الله- أنه يُغرَّب بنصف عام، قالوا: لأن عموم قوله: {فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} [النساء: ٢٥] يشمل التغريب؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الزاني: «جَلْدُ مِئَةٍ، وَتَغْرِيبُ عَامٍ» (١). والتغريب يمكن تنصيفه، ولَّا ما يمكن؟ يمكن تنصيفه، يقال: يُغرَّب نصف سنة.

<<  <  ج: ص:  >  >>